أخيرا صدرت الأنظمة المنظمة للعقار (التمويل، مراقبة التمويل، الإيجار التمويلي، الرهن العقاري، قضاء التنفيذ) وستعقبها اللوائح التنفيذية، لتنظيم وتحفيز سوق هائل ظل طويلا يعاني الجمود باستثناء معروض ضئيل يكاد يكون بالقطارة، فانتشرت الأراضي البيضاء داخل المدن وخاصراتها، وتجمدت أرصدة بعشرات المليارات بعضها جرب حظه في البورصة، حتى أصبح حال السوق العقارية على مدى سنوات كمن يقتله العطش والماء بين يديه. أيضا أعتقد أن الأنظمة الجديدة درست جيدا حدود الطفرة المتوقعة في الاستثمار العقاري والضوابط اللازمة والاستفادة من دروس أزمة الرهن العقاري في الولاياتالمتحدة قبل سنوات وأسبابها ونتائجها التي عصفت بجزء كبير من الاقتصاد الأمريكي وأفلست بنوكا وشركات تمويل عملاقة بسبب فتح أبواب القروض على مصراعيها. لكن في الوقت نفسه يجب ألا نبالغ في المخاوف طالما تجنبنا عدوى الهرولة في القروض العقارية التي قد ينجرف بعضها إلى السوق الاستهلاكية وتتبخر دون فرصة الحصول على مسكن بالكاش أو بالرهن، وعلى المواطن أن ينتبه لهذه النقطة تحديدا، وأن يجعل نصب عينيه الآية الكريمة «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا». أقصد من ذلك أن نستبشر خيرا، لكن في الوقت نفسه علينا أن نحسن ثقافة العمل والتعامل في قطاع ضخم يتوقع الخبراء أن تبلغ استثماراته بعد الأنظمة الجديدة أكثر من 3,5 تريليون ريال، حيث تقدر حاجة المملكة إلى نحو 2,5 مليون وحدة سكنية في المرحلة القادمة، ثم يستقر المتوسط إلى نحو 250 ألف وحدة سنويا، باستثمارات تزيد على مائة مليار سنويا، فالاستثمار في العقار يظل الأفضل عند كثيرين لأن العقار كما يقولون يمرض ولا يموت.. والاستبشار بالأنظمة الجديدة لايلغي مخاوف حقيقية من ارتفاع جنوني لأسعار الأراضي ومواد الإنشاء والتشطيب والديكور، وطبعا تكلفة شركات المقاولات والعمالة، خاصة أن القطاعات الخدمية والتجارية لم تعد تحتاج إلى (استشعار عن بعد ) أو ذرائع لرفع الأسعار، ولا تنتظر أسبابا حقيقية لها.. لذلك لنا وقفة أخرى مع الأنظمة الجديدة التي ستفتح أبواب طفرة عقارية، نتمنى أن تكون منضبطة ورحيمة بالمواطن أولا وأخيرا، لأن المستثمرين يعرفون جيدا كيف وأين يضعون المال ويجنون عوائده.. والله الموفق. [email protected]