أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، أن الأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان نعمة من الله ومنحة ومنة، مشيرا إلى أن «الأمن» أولى المطالب وأفضل الرغائب وأهم المقاصد، فهو مطلب رباني ومقصد شرعي، ومبينا أن تحقيقه يحقق الازدهار والتميز والابتكار والإنماء والإعمار، وإنحساره يسبب الاضطراب والبوار، حيث قرنه تعالى بالإطعام من الجوع في قوله سبحانه (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). وأشار السديس، إلى أن الأمن أول دعوة دعا بها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام (رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات)، فقدم الأمن على الزرق وجعله قرين التوحيد في دعائه (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام)، مبينا أن الإسلام عمق هذا المعنى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن)، قيل ومن يا رسول الله؟، قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه). وأوضح السديس، أن الأمن والأمان جنبان مكتنفان للإيمان منذ إشراق الإسلام إلى أن يحشر الله الأنام، حيث أعلى الإسلام شأنها ورفع شأوها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أصبح آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها). وأكد السديس، أن الله تعالى امتن على بلاد الحرمين الشريفين بنعمة الأمن والإيمان فقال سبحانه: (أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم)، (أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا)، مشيرا إلى أن المملكة آمنة بفضل الله من الحروب العاصفة والفتن القاصفة التي تقض المضاجع وتغور الفواجع وتذر الديار بلاقع، سلمها الله من الأحداث والنوازل وبسط الأمن في ربوعها ونشر الأمان في أرجائها. وقال الشيخ السديس: إن استحكام الأمن في البلد الحرام عقيدة راسخة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، لا يضيرها عكابات الأغتام، ولا ذم الصعافقة اللئام، فقد أجدبت أجفارهم، وتطايرت أحلامهم، ووخر الحقد صدورهم، فصاروا أطيش من القدوحِ الأَقرح، وساءهم كل ما يفرح، ومهما قطروا الجلب، وناهزوا الغلب، انعكس عليهم الحال، وساءت بهم الفعال، الأمر الذي أقض مضاجعهم، وزاد حنق ناعقهم، فأجلبوا بخيلهم ورجلهم، وبثوا الأراجيف والشائعات المغرضة، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، مما يؤكد لاسيما للأجيال الناشئة عدم الإصغاء لدعاة الفتنة وخفافيش الظلام ومثيري الشغب والفوضى ومروجي الأفكار الضالة، ومن أسلسوا قيادهم وجعلوا من أنفسهم أدوات في أيدي أعدائهم، لاسيما عبر شبكات البث المعلوماتي ووسائل التواصل الاجتماعي، فبلادنا بحمد الله آمنة مرغوسة، وفي تخوم الأمان مغروسة، ومن الأعادي مصونة محروسة، وستظل ثابتة على عقيدتها، متلاحمة مع ولاة أمرها وقادتها، وإن أصابتها العضالات، ومهما فقدت من رجالات وكفاءات، فخلفهم أقيال قادات.