يذكرنا مسلسل عمر بن الخطاب الذي أثار جدلا واسعا في أوساط العلماء ورجال الدين وواجه هجوما عنيفا بالأعمال التي أنتجت منذ بداية الألفية الثالثة عن شخصيات آل البيت والصحابة، وقادة الإسلام، وكلها تم عرضها في شهر رمضان. فقد صاحب فترة الإعلان عن كل عمل من هذه الأعمال هجوم شنيع قبل أو بعد تصويره وأيضا أثناء عرضه. البداية كانت مع مسلسل (رجل الأقدار) الذي يروي قصة حياة القائد الإسلامي والصحابي عمرو بن العاص، وأنتجته مدينة الإنتاج الإعلامي في القاهرة عام 2002/2003، وقام ببطولته الفنان نور الشريف وكان من تأليف الكاتب الراحل الكبير أسامة أنور عكاشة. فقد قرر شيوخ التيار السلفي في مصر إعلان رفضهم له، وأطلقوا حملة هجوم شديدة عليه في الجوامع، وكان من بينهم الشيخ محمد حسان والشيخ أبي إسحاق الحويني. في عام 2009 كان مسلسل (خالد بن الوليد) الذي يروي قصة حياة القائد الإسلامي سيف الله المسلول خالد بن الوليد، وهو إنتاج سوري. المسلسل قدم في جزءين الأول كان بطولة باسم ياخور، وكان له نصيب الأسد من الهجوم ومطالبات منع العرض، خاصة مع إظاهر شخصية حمزة بن عبدالمطلب ابن عم الرسول (صلى الله عليه وسلم). بالإضافة إلى عرض المسلسل لمشهد التمثيل بجثة سيدنا حمزة التي جسدها وقتها الفنان السوري غسان مسعود. في عام 2011 كان توقيت عرض مسلسل (الحسن والحسين) الذي أنتجته شركة المها الكويتية بالمشاركة مع قناة mbc. أيضا تعرض لهجوم شديد من قبل السنة والشيعة على حد سواء خاصة أنه يتعرض لحفيدي الرسول (صلى الله عليه وسلم) اللذين تم تجسيدهما لأول مرة في عمل فني. وهذا العام يطل علينا مسلسل (عمر) الذي يجسد فيه الممثل السوري الشاب سامر إسماعيل شخصية الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما تظهر فيه عدة شخصيات من الشخصيات المحظور ظهورها في أعمال فنية مثل الخليفة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ويجسدها فنان تونسي شاب، وشخصية سيدنا أبو بكر الصديق ويجسدها الفنان غسان مسعود. من جهة أخرى، أكد عضو اللجنة الإشرافية على مسلسل عمر بن الخطاب، الشيخ سلمان العودة عبر حسابه على موقع التواصل (تويتر) أنه وفريق العمل الخاص بالتدقيق على النص التاريخي لسيرة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا علاقة لهم بالإخراج أو التمثيل أو الفتوى في هذا الخصوص. وقال أيضا إن فريق العمل ليست له علاقة بالشخصيات التي ستظهر وليست له علاقة بمن سيقوم بتمثيل أدوارها. وأضاف أن الفريق الذي يحتوي على مجموعة علماء ومؤرخين منهم الشيخ يوسف القرضاوي لم يتخذ أي قرار بهذا الاتجاه وإنما كانت مهمته الوحيدة التدقيق على النص التاريخي لسيرة الفاروق عمر رضي الله عنه. وجاء في تغريدته الأولى ما نصه «ما سأكتبه ليس تسويقا لمسلسل (الفاروق عمر) ولا هجوما عليه وإنما تدوين معلومات فقط.. وقد شاهدت الحلقة الأولى منه فقط في صيغتها المبدئية». وأتبعها بتغريدة ثانية كتب فيها «الفاروق عمر.. كتب نصه الأستاذ وليد سيف وهو مؤرخ وكاتب سيناريو، له عدد من الأعمال السابقة التي حظيت بالنجاح». وأضاف في تغريدة أخرى «عكف وليد سيف على العمل لفترة طويلة وتفرغ له.. وكتبه بعاطفة صادقة وحب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه»، واستطرد في تغريداته مبينا «اشترك في تمويل العمل كل من مجموعة mbc والمؤسسة القطرية للإعلام (تلفزيون قطر)»، وأضاف «منذ بداية العمل شكلت مجموعة للإشراف على النص التاريخي المكتوب وتقديم الملحوظات ودراستها بشكل جماعي واعتمادها». وكشف العودة من خلال تغريداته مجموعة الإشراف على نص المسلسل قائلا «المجموعة هي: عبد الوهاب الطريري، علي الصلابي، سعد مطر العتيبي، سلمان العودة»، مضيفا في تغريدة أخرى «وبعد دخول مؤسسة قطر للإعلام انضم كل من: الشيخ يوسف القرضاوي، أكرم ضياء العمري، وفيصل بن جاسم آل ثاني ومعهم مجموعة من الإعلاميين المطلعين على أوضاع الأجيال الجديدة ليساعدوا على إعطاء أهمية لموضوعات الساعة». وعاد العودة للتأكيد على أن اللجنة الإشرافية ليس لها دور بالتمثيل والإخراج قائلا «هذه المجموعة ليس لها أي علاقة بالعمل من حيث إخراجه، ولا بالتمثيل، ولا بالفتوى.. كل مهمتها تنحصر في شيء واحد هو (مراجعة النص التاريخي المكتوب)». واستطرد قائلا «أما كيف سيخرج العمل؟ وهل ستظهر شخصيات معينة؟ ومن سوف يؤدي الأدوار... إلخ.. فليس من شأن المجموعة، ولم تتخذ بهذا الخصوص أي قرار». وأوضح العودة عبر تويتر أن «الشيخ يوسف القرضاوي استقبل المجموعة في منزله، وتحدث إليهم، وقرأ النص ودون بعض الملحوظات»، كما أشار إلى أن «الشيخ أكرم العمري شارك في لقاءات المجموعة التي عقدت في الدوحة، وكانت له رؤية متميزة بحكم تخصصه التاريخي ونظرته الواقعية»، وأضاف العودة أن الطريري كان متابعا دقيقا وشديد الملاحظة لسعة معرفته بالتاريخ، كما أن الشيخ علي الصلابي مؤرخ معروف، وله مؤلف عن عمر رضي الله عنه بأكثر من لغة، وهو مهموم بإدخال البعد الإصلاحي والدعوي والعقائدي في النص.