لم تكف الحاويات الملونة في شوارع جدة أيدي النابشات، بل إنها -أي الصناديق الملونة- ساعدت تلك الفئة في تسهيل النبش ، إذ تتجه النابشة مباشرة إلى مقصدها طبقا للون الحاوية حيث خصصت الأمانة كل واحدة منها لمخلفات محددة . النظافة في عروس البحر مسلسل طويل لا ينتهي وتتأرجح حلقاته ولا يدري السكان متى تنتهي السلسلة الطويلة أو تلوح في الأفق بارقة أمل تنهي معاناة سنوات طوال لاسيما في الأحياء الجنوبية التي تحولت فضاءاتها إلى مرامي عملاقة للمخلفات والحديد والسكراب ونفايات المستودعات والمطاعم وفي الوقت الذي أطلقت فيه أمانة محافظة جدة أولى خطواتها على طريق القضاء على النبش بمشروع الحاويات الملونة ، الأزرق للمخلفات الورقية،الأحمر للمعدنية والزجاج، والأخضر للبقايا البلاستيكية. غير أن الأهالي شككوا في جدوى البراميل ورأوا أنها مالم تتزامن مع ضبط الأحواش التي تؤمن للنابشين والنابشات منفذا لبيع ما يتمكنون من جمعه خلال مسيرة العمل للنبش وتعقب العمالة المخالفة التي تمتهن نبش الحاويات والإيقاع بهم لتطبيق أنظمة العمل والعمال التي تقضي بتغريم وترحيل العمالة السائبة ،فإن هذه البراميل ستتحول إلى فرصة ذهبية تمكن النابشين من الحصول على مبتغاهم دون عناء . تسهيل مهمة النابشات فهد الجهني يرى أن نبش الحاويات مشكلة تعاني منها شوارع جدة وأحياؤها وأزقتها بلا استثناء حيث ينشط النابشون والنابشات صباح ومساء وإحباط جميع محاولات النظافة التي استهلكت مبالغ ومناقصات ضخمة ويضيف الجهني نبش الحاويات أدى إلى الإضرار بالبيئة وتدني مستوى النظافة نتيجة بعثرة النفايات . كما أن مشروع البراميل الملونة مالم يتم استئصال الأيدي المخالفة في النبش ومن يساعدهم في تخزين النفايات وبيعها فلن تكون سوى عامل مساعد يؤدي إلى ظفر النابشين بنفايات جاهزة ومفروزة دون عناء خصوصا وأن الرقابة البلدية ضعيفة وتكاد تكون معدومة. عدالة توزيع البراميل عبدالله الأحمدي يقول إن المشروع يعد خطوة جيدة توفر كثيرا من الجهد والمال الذي كان يهدر لإصلاح آثار التخريب ورفع بقايا النفايات الناجمة عن النبش وأعمال التطهير المبذولة لمكافحة القوارض والحشرات التي تتكاثر مستفيدة من التغذي على بقايا الحاويات بعد نبشها. ويضيف الأحمدي أن توزيع الحاويات الجديدة وتصنيفها خطوة جيدة لكن تحتاج إلى بعد نظر فيما يتعلق بتوزيعها وعدالة تقسيمها في كل الأحياء بلا استثناء . كما أن هناك حاجة ملحة لإغلاق الأحواش التي تنتشر في أطراف جدة لاستقبال المخلفات من النابشين ومحاسبة ملاكها الذين يعتبرون من أسباب استمرار ظاهرة النبش وتدني مستوى النظافة في المحافظة بشكل عام . ثلاثة في واحد عبدالرحمن السلمي له رأي مغاير في عملية توزيع الحاويات الجديدة قائلا: بدلا من وضع ثلاثة حاويات قرب بعضها كان بالإمكان الاستعاضة عنها بإيجاد حاوية كبيرة مقسمة إلى أربعة أجزاء يكون فيها جزء لبقايا الأطعمة والخبز ، آخر للمخلفات البلاستيكية ،المعدنية والزجاج وتكون مصممة بطريقة تمكن أي شخص من إلقاء كل نوع من النفايات في الجزء المخصص له ويصعب فتحها لاحقا ما يعيق عمليات النبش . ويرى سعيد الشهراني أن أي جهد لإيقاف ظاهرة النبش والنابشين لن يتحقق بحاويات قبل إنهاء حالات العمالة المخالفة التي تمتهن النبش وملاحقة الحظائر التي تستقبل المواد المنبوشة وأغلب تلك الأحواش يديرها عمال من ذات جنسيات النابشات والنابشين. ويقول العم جابر العليان من سكان حي السبيل: الحي في حاجة إلى مزيد من الخدمات فيما يتعلق بالنظافة ومكافحة الحشرات والقوارض والجهود المبذولة حاليا لابأس بها إلا أن تجاهل النابشين وغض الطرف عنهم وعدم ضبطهم منح فرصة جيدة لاستمرار الظاهرة ومكنهم ذلك من مواصلة نبش الحاويات وبعثرة مابداخلها بحثا عن العلب المعدنية والكراتين في تصرف مسيء للبيئة والمظهر العام وخلق بيئة مناسبة للحشرات والحيوانات الضالة. لا تساهل مع الظاهرة في المقابل أوضح ل «عكاظ» مصدر في أمانة جدة أن الأمانة تقود حملة تنظيف على كافة المواقع التي تجمع فيها المخلفات. وأكد مواصلة التنسيق مع الأجهزة المعنية في شرطة جدة والجوازات لمتابعة أوضاع النابشين وضبطهم، ودعا المصدر الجميع إلى التعاون والمشاركة في مكافحة الظاهرة والإبلاغ عن المواقع التي تعاني منها بالاتصال على عمليات الأمانة عن طريق الرقم (940). كما دعا المصدر ملاك الأحواش والأراضي غير المسورة إلى متابعتها والتأكد من خلوها من المخلفات والحرص على عدم تحويلها إلى مراكز لاستقبال النفايات بمختلف أشكالها.