جاءني شاب يشكو مر الشكوى من أنفه الكبير .. الأمر الذي حدا به الى أن يظن أن ما من إمرئ يلقاه إلا وينظر لأنفه، مما جعله يعتزل الحياة والناس. تمعنت في الشاب فوجدته جميل السمت، حسن الملامح، لربما كان أنفه أكبر قليلا من المعتاد، ولكن الناظر إليه لا يكاد يلاحظه إلا إذا دقق النظر، لم يكن في مظهر الشاب ما يعيب. ومثل هذا الشاب كثيرون ضخموا بعض الأمور البسيطة في مظهرهم فجعلوه في حجم الجبال. وذاك صبي دأب والده على انتقاده، يردد عليه القول بأنه كسول ولن ينجح في المدرسة أو في الحياة، «إذا نجحت تعال ... على قبري»، ويكبر الصبي يبلغ سن الرشد ويتجاوزه فإذا بهذا الإيحاء السلبي من والده يعتمل في نفسه ويطغى على فكره ومعاملته ويكاد يصبح حقيقة يعاني من جرائها الأمرين، ما أن يبادر الى أمر من الأمور حتى يبوء بالفشل. وهذه فتاة في عمر الزهور يتوالى نقد أمها لها بأنها هبلة .. لا تعرف كيف تتحدث مع الناس .. تكبر الفتاة وتكبر معها مشكلتها التي أوحت إليها بها أمها بأنها غير قادرة على التعبير .. وإذا بها تغدو فتاة خجولة منطوية منعزلة لا تستطيع التواصل مع الآخرين، بينها وبين الآخرين حاجز نفسي تسبب فيه نقد أمها المستمر لها .. تردد بينها وبين نفسها .. أنا غير قادرة على التعبير. الطب النفسي يلجأ في هذه الحالة إلى مساعدة المريض على أن يحول التفكير السلبي إلى تفكير إيجابي. تتشعب الطرق في الوصول إلى هذا الهدف .. فكما أن لكل شيخ طريقة فإن لكل طبيب نفسي أو أخصائي نفسي طريقته. أحدث المدارس النفسية تدعو إلى أن يساعد الطبيب أو الأخصائي النفسي مريضه على أن يحيل هو بنفسه هذا التفكير السلبي إلى تفكير إيجابي. وأن ينظر إلى النصف المملوء من الكوب بدلا من النصف الفارغ. وأن يحيل الليمون إلى شراب حلو. تقول النظرية أنه إذا دأب فتانا على أن يهمس لنفسه كل يوم لعشر دقائق وعلى مدى أسبوعين أو ثلاثة بأنه إنسان ناجح في الحياة .. سوف تتحول الليمونة إلى شراب حلو. وكما أن للعقل الباطن تأثير على العقل الظاهر فإن للعقل الظاهر (الهمس) تأثير على العقل الباطن. وإذا ما فعلت فتاتنا نفس الشيء، وهمست لنفسها كل يوم لعشر دقائق ولمدة ثلاثة أسابيع بأنها فتاة قادرة على التعبير وعلى التواصل مع الآخرين سرعان ما تتغلب على عقدة النقص، ويتحول سلوكها السلبي إلى إيجابي، وتنقلب من فتاة خجولة ومنعزلة إلى إنسانة منفتحة قادرة على التواصل مع الآخرين. خلاصة القول، إن التفكير الإيجابي .. إذا ما تدرب عليه الإنسان أصبح يمارسه تلقائيا .. وأضحى أسلوب حياته. وأقول لأي منا يريد أن يطور نفسه .. جرب أن تطبق هذه النظرية ولن تخسر شيئا. * أديب وكاتب سعودي