لاحظتم معي خلال الفترات الماضية الموقف الروسي بتعنته تجاه أي تصرف للأمم المتحدة ضد النظام السوري. وطبعا هذا التعنت الشديد ليس وراءه محبة بشار الأسد أو نظامه، ولا الخوف على الشعب السوري، أو سلامة الحياة البشرية في سوريا. كل هذه الأمور ليست بالأهمية كاقتناص هذه الأزمة للحصول على أهداف أخرى أهم. وإلا لكان 16 ألف قتيل منذ بداية الأزمة كفيلا بإقناع الروس والصين بحجم القتل في سوريا ليتزحزحوا عن مواقفهم، خصوصا أن حجم القتل أصبح معلوما بوتيرة يومية. ومن ناحية أخرى فإن التنديد بدواعي السقوط إلى حرب أهلية أصبح من المبالغات السياسية. فما يفعله النظام حاليا في أغلب مناطق سوريا هي حرب أهلية منتقاة. لكنهم لا يرونها حربا أهلية لأنهم يريدون أن يستثمروا هذه الأزمة في صالح أهدافهم. فنحن نعلم أن هاتين الدولتين خرجتا من أزمات الربيع العربي السابقة بخفي حنين. وخصوصا في ليبيا رغم أنهم أجازوا اتخاذ تصرف فيها. وبعد أن تمت إجراءات الأممالمتحدة على ليبيا لم تمطر سحابة الأزمة بمنافع محسوسة على البلدين. ولا أقصد بذلك فقط المنافع من ليبيا نفسها، بل تتعدى المنافع لديهم إلى المواقف والمصالح المعلقة الأخرى في العالم. فهذا هو المفهوم لدى هاتين الدولتين على الأقل حاليا. بمعنى أن تمريرهما لأي قرار أممي لا بد أن يقابله مكاسب تختلف تباعا لمصالح هاتين الدولتين. فنحن نعلم أن قضايا مثل السعي لبناء نظام عالمي متعدد الأقطاب بغض النظر عن سقوط آلاف القتلى والجرحى، أمر مهم بالنسبة للدولتين. والتخلي عن تشغيل مشروع الدرع الصاروخية، وتنمية المصالح التجارية في إيران التي تنبئ بقرب تدهورها، وإيقاف دعم الجماعات الأصولية قي الشيشان والمناطق الروسية. وغيرها من القضايا التي من الممكن أن تحسم وتجري بها صفقات متعطلة لسنوات. فلماذا الاهتمام بسلامة أرواح السوريين طالما أن الموافقة على سلامتها ستجني ما لم تجنه سنين من السياسة؟.