لست مشغولا كثيرا بنقد جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لثلاثة أسباب: أولها: أن الجهاز تعدى مرحلة النقد التصحيحي إلى مشاكل أعمق تحتاج إلى منظومة فكرية تعيد صياغة مسلمات القائمين عليها في بناهم الفكرية قبل نقد الجهاز نفسه بحيث يعيدون التفكير في المفهوم نفسه في دواخلهم قبل غيرهم وهذا ما لا يمكن أن يحصل إلا بتجديد الخطاب تجديدا بعيد المدى لا يكتفي برفع شعار الوسطية. أما السبب الثاني: فهو نظام الهيئة الذي بني على رؤى تحتاج إلى إعادة نظر ومساءلة قوانين منها نظام حقوق الإنسان. والسبب الثالث: أنه جرى اختزال الصراع الاجتماعي الفكري في ثنائية الهيئة والمرأة والقضية أبعد من هذه الثنائية – في تصوري – وخلق فضاء أوسع فليست قضية الهيئة والمرأة هما آخر مشكلاتنا بل هي جزء أو جزءان من منظومة متكاملة لا تقف عند حد، بل تصعد إلى خلق رؤى تأسيسية لمفهوم المجتمع المدني الذي يقوم بمفهوم المنكر المدني الجماعي قبل المنكر الديني الفردي. الذي يهمني في موضوع الهيئة هو قراءة ردود الفعل الاجتماعي على كل حدث للهيئة جديد فعلى تعدد الأخطاء من قبل بعض العاملين التي تذهب بأرواح الناس آخرها ما كان من مطاردة رجل هيئة لعائلة في بلجرشي ودورية شرطة مما أودى بحياة رجل العائلة وبتر يد الزوجة وتعرض الطفل إلى حالة خطرة في المستشفى. أقول: مع تعدد أخطاء بعض رجال الهيئة حد ذهاب أرواح الناس إلا أن ردود الفعل الغاضبة كان لها ردود فعل تبريرية أو دفاعية كل مرة وهنا نضع علامة استفهام حول هذه الرؤى الدفاعية التي تخرج كل مرة للدفاع عن الأخطاء على استعداد تام لقلب المسألة وجعل الضحية مذنبا ولا يمكن أن يفهم ذلك إلا لكون رجال الهيئة يمارسون شعيرة دينية حسب رؤى المدافعين. إن الهدف الأخير من آليات الضبط (والهيئة جهة ضبطية) هي لأمن المجتمع وليس إرعاب المجتمع وهنا يحتاج المجتمع إلى جهة ضبطية لضبطية الهيئة قبل أي عمل آخر. إنها مشكلة حقيقية حينما يدافع المجتمع عمن يسبب له بعض المشاكل.