المعلقون هم النجوم الحقيقيون في الملاعب، بحسب الشاعر والإذاعي فاروق شوشة، فكثير من عناصر التفريق بين مباراة ناجحة وأخرى غير موفقة تكمن في الانتقال من قناة إلى أخرى بحثا عن معلق يحول المباراة من مجرد ألعاب وحركات صامتة إلى قصيدة أحيانا أو إلى أغنية أحيانا أخرى. إلا أن غياب المعلق المحترف شكل فقرا في التعليق في الوقت الذي غادرت فيه أسماء حاولت طرق هذا العالم إلى عوالم أخرى. عكاظ» فتحت ملف «احتراف التعليق» بعد أن بات عنصرا مشاركا في صناعة كرة القدم وشريكا استراتيجيا لها، وخرجت بالورقات التالية •• علي داوود.. كثيرا ما كنت أطرب لصوته وأنا أقتطع الطرقات، وأكثر ما كنت أبحث عنه بين ركام القنوات، متفرد في وصفه، متميز في أدائه، أحد عمالقة التعليق الرياضي ممن قدموا وصفا متفننا يتفق والصورة، سألته عن الزمن الجميل وثقافة الاحتراف آنذاك فأجاب : لم يكن احتراف التعليق وليد اللحظة، فقد كنت والمعلق المخضرم زاهد قدسي رئيس لجنة المعلقين العرب ولجنة المعلقين السعوديين، رحمه الله، والمعلق المخضرم محمد رمضان، عافاه الله، معلقين محترفين في الأصل، فالتعليق الرياضي بالنسبة لجيلنا موهبة تطلبت الكثير من الأدوات التي كنا نحرص على التزود بها، منها الثقافة الرياضية والعامة، والقدرة على التحدث وتغليب سمين القول على غثه، واليوم ومع تعدد القنوات الناقلة ما زال احتراف المعلق السعودي يتجه إلى المجهول، كونه لم يصل إلى المفهوم الصحيح في ظل الفكر الذي تنتهجه هذه القنوات مع المعلقين، يضاف إلى ذلك حاجة المعلق إلى ما يصقله ويصحح مساره، ولن يتأتى ذلك إلا باستحداث برامج ودورات تدريبية قبل وبعد الدخول في هذا المجال لرفع قدرات المعلقين كجائزة زاهد قدسي للتعليق الرياضي، فلا يكفي فتح الأبواب للمواهب الجديدة، فالموهبة وحدها لا تكفي في زمن يحكمه الاحتراف بل بالتطوير من خلال الدورات، فالتعليق علم قائم بذاته يتطلب جذب المشاهد بأسلوب حيوي وبصوت يجمع بين القوة والحضور والتمكن والحياد والموضوعية، والبعد عن المجاملات والانتماءات والضغوط والمؤثرات التي تعد من أعظم كوابح الاحتراف. •• عدنان حمد.. معلق إماراتي، عاصر الكرة السعودية مذ كان معلقا في قنوات art، لصوته حلاوة ولتعليقه طلاوة، عاش الاحتراف بكل ألوانه متنقلا بين العديد من القنوات الخليجية والعربية، علق على الكثير من المباريات العالمية، لاسيما نهائيات كأس العالم، سألته عن المعلق السعودي وما إذا كان يطبق الاحترافية بمفهومها الصحيح فأجاب : المفهوم الصحيح للاحتراف أن تكون وظيفة المعلق هي الرياضة التي يمارسها، لاسيما أن نظام الاحتراف يعني حق التملك لصوت هذا المعلق أو ذاك، وفي زمن الانفتاح الفضائي أصبح المعلق السعودي منتجا قابلا للتصدير، خاصة وأن الدوري السعودي لم يعد يقل عن الدوريات العالمية طلبا ومنافسة من قبل قنوات الفضاء المفتوحة والمشفرة على السواء، ما دفع عددا من القنوات الخليجية إلى الاستعانة بمعلقين سعوديين من بينهم عبدالله الحربي وعيسى الحربين وقبلهما الدكتور نبيل نقشبندي، كما أن نظام الاحتراف الجديد أدى إلى جلب بعض نجوم التعليق الخليجيين إلى القنوات الرياضية السعودية أمثال عامر عبدالله وفارس عوض. من هنا يتضح لنا أن التعليق الرياضي السعودي شهد تطورا كبيرا في الآونة الأخيرة وإن جاء متأخرا قياسا به في باقي دول العالم، لكنه بات فاكهة المشاهد العربي في ظل وجود أسماء لامعة ومميزة في سماء التعليق. •• رجا الله السلمي.. إعلامي رياضي من الطراز الأول، تدرج في مجاله من صحفي مرورا بالتعليق لينتهي به المطاف مذيعا رياضيا وحق له ذلك. السلمي الذي يعشق الكاميرا أكثر من عشقه المايكروفون، قال إن معظم الأسماء الكبيرة في سماء التعليق الرياضي هي من مدرسة القناة الرياضية السعودية، مؤكدا أن سعيد الزهراني، محمد غازي صدقة وجعفر الصليح وغيرهم كثر أسماء شابة جديرة بالاحتراف متى ما استمرت على نهج التطوير الذاتي بعد أن كونوا لهم جماهيرية جيدة، داعيا إلى تخصيص قطاع خاص بالتعليق الرياضي يعمل على تدريب وتأهيل من يمتلك مقومات التعليق، ومن ثم تتعاقد هذه الشركة مع قنوات رياضية متخصصة لنقل مبارياتها بأصوات هؤلاء المعلقين وفق أحدث الأساليب المتبعة في الاستوديوهات العالمية. وتساءل السلمي عن عدم اتجاه لاعبي الكرة بعد اعتزالهم الكرة إلى التعليق على غرار التحليل الفني أو التدريب أو إدارة الكرة في الأندية كما هو معمول به حالبا. •• حسن شاكر.. معلق رياضي سابق، قال مبررا ابتعاده عن عالم التعليق : هجرت المهنة عندما لم أجد فيها ما يغري طموحي، حيث انعدام الاحترافية في وقت غردت فيه الكثير من الأصوات المحلية بعيدا عندما لم تجد من ينصفها. وحتى لا تهاجر الأصوات المحلية خارج حدود الوطن فإن المعلق هو جغرافيا المشاهد على أرض الملعب، وبالتالي فمن الضروري أن يولي المسؤولون ملف التعليق الرياضي الأهمية اللازمة، خصوصا أنهم كثيرا ما يرفعون شعار تطوير الإذاعة والتلفزيون، إلا أننا لم نلمس شيئا يستحق أن يذكر على هذا الصعيد مع تقديري لجهود القائمين عليها، في الوقت الذي أصبحت فيه أسماء بعض المعلقين أكثر شهرة من كثير من اللاعبين لا تزال مهنة التعليق لدينا تبحث عن منافذها الاحترافية، بعد أن اعتمد معظم المعلقين المتواجدين حاليا على قدراتهم الذاتية.