الليبرالية بناء نظري يعتمد في إثبات منطقه على الواقع الإنساني وحاجاته، ولأنها كذلك فإن أسس الليبرالية كما يعتقد أصحابها واقعية، وأن مبادئها وقيمها لا تتناقض مع طبيعة الإنسان، وهذا ما يجعلها فاعلة أين ما تم تطبيقها، قد تبدو الليبرالية لدى أنصارها أشبه بنظرية علمية أثبتها الواقع الإنساني، إلا أن جلهم يعتقد أنها ليست حقيقة مطلقة لا يأتيها الباطل وقيمها المجردة قابلة للقراءات والنقد. وبمقارنتها بأي نظرية شمولية ينتجها حزب أو نخبة لإصلاح المجتمع وفق نسق قيمي ما نجد أن الليبرالية تركز على الحرية الفردية باعتبار أي عائق أمام الفرد وحريته فعل لا إنساني، وينتج الاستبداد تلقائيا، فالتنظيمات الحزبية الأيدولوجية حداثية كانت أو تقليدية هي أشبه بالفعل القهري الذي يتم من خلاله التحكم بالأفراد من خلال تحديد معالم خياراتهم وربطها بالغاية الكلية للجماعة الصانعة للأيدولوجيا التي عادة ما تحول الأفراد إلى تروس لا فاعلين أحرار. ولا يختلف العضو المقهور في بنية الأيدولوجية الشمولية التقليدية، أو الحداثية رغم اختلاف القيم حسب بعض المنظرين من حيث النتيجة فهي عادة ما تقهر الفرد وتجبره على خياراتها بعد اغتيال عقله. المنظور الليبرالي فيما يخص التغيير يرى أن الحرية الفردية ينتج عنها تفاعلات تحدثها حركة الأفراد وقواهم المختلفة بدون تحكم. وكلما كانت التنظيمات التي تؤسس لقواعد الليبرالية واضحة فإنها تعمل لصالح الكل وبطريقة محايدة، ولكنها في النهاية تحدث التحول بشكل تلقائي بما يلائم حاجات الواقع، فالمبادئ الليبرالية أشبه بالقواعد الديناميكية الناظمة لتفاعلات الأفراد لإنجاز التغيير الكلي لصالح الفرد ولصالح المجموع. والليبرالية حسب بعض منظريها لا تتحيز لجماعة أو فرد ولا تفرض رؤية ما لتغيير المجتمع ولكنها تمنح الواقع القواعد بتمكين كل فرد من صياغة إرادته وفق حاجاته ومتطلباته التي يحددها هو بلا إكراه أو إجبار.