الأنباء التي تتردد في الشارع الرياضي والتي تؤكد توجه إدارة المنتخب السعودي إلى فسخ عقد المدرب الهولندي فرانك ريكارد بالتراضي بينهما بعد الخسارة من أمام المنتخب الليبي في نصف نهائي كأس العرب بهدفين دون رد.. فإذا صدقت هذه المصادر فإن المسئولين في إدارة المنتخب مهما تبدلوا واختلفت أسماؤهم يصرون على مواصلة سياسة إلغاء عقود المدربين أو إعفائهم من مهامهم بعد كل إخفاق، فالتصقت بنا هذه السياسة وأصبحت جزءا لا يتجزأ من فكرهم ودليلا واضحا على عشوائية العمل داخل إدارات منتخباتنا وأنديتنا وسمة من السمات المميزة للكرة السعودية حتى وصلنا إلى أرقام فلكية في عدد المدربين القادمين والمغادرين يصعب على غيرنا تحطيمها، فأسهمت بشكل مباشر بتراجع مسيرة الكرة السعودية وضياع هويتها، لأننا وببساطة.. لا نعلم ماذا نريد؟. نتعاقد مع مدرب اليوم ونستقبله بكل عبارات الإطراء والإشادة وننهي عقده غدا ونودعه بكل ما تحويه معاجم اللغة العربية من ذم وقدح ونحمله مسئولية الفشل والإخفاق.. فتحولت منتخباتنا وأنديتنا إلى حقل تجارب للمدربين القادمين فإن أصابوا وإلا غادروا إلى أماكن أخرى غير مأسوف عليهم.. لنعود لنفس السلبية ونبحث هنا وهناك على أمل لعل وعسى أن نجد من المدربين من ينتشل كرتنا من تخبطات وسوء تخطيط مسئوليها الذين بلا شك يشاركون باختياراتهم فيما وصلنا إليه من إخفاقات؛ لتثبت الأحداث المتكررة أن الأمور لدينا تدار بالبركة وتسير بدعاء الوالدين.. فنحن نختار دون أسس ومعايير محددة لمتطلبات كل مرحلة.. فاشتهرت أنديتنا ومنتخباتنا بسرعة إنهاء الارتباط دون مقدمات وعند أول إخفاق؛ ما تسبب بخشية المدربين من التعامل معنا حرصا على سيرتهم؛ فإلغاء العقود أو الإعفاء أقرب إليهم من حبل الوريد، فالمدرب لدينا يعيش دائما تحت رحمة الظروف والمطالبات؛ ما يشتت ذهنه ويربك عمله ومخططاته فهو لا يدري.. أينفذ قناعاته وما يراه، أم ينفذ رغبات المسئولين عنه وتدخلاتهم، أم يرضخ لمطالب الإعلام الذي يملك القدرة على إبقاء المدرب أو إقالته بحسب قناعات الكتاب وتأثير الميول عليهم بعدم اختيار لاعب أو مشاركة آخر دون النظر إلى المصلحة العامة؛ ما أفقدنا أبسط أدوات التقييم لسيطرة العواطف والميول على كل تعاملاتنا ونظرتنا للنتائج الوقتية التي تحددها نتيجة مواجهة أو خسارة لبطولة. أشياء غريبة تحدث لدينا لم نفهمها حتى نطالب غيرنا بفهمها، وتسببت بإنهاء عقود الكثير من المدربين الذين قدر لهم العمل لدينا بحجة ضعفهم؛ لنتفاجأ بعودتهم لملاعبنا مرة أخرى والشواهد كثيرة؛ ليبقى السؤال حائرا.. لماذا أنهيت عقودهم؟ ولماذا عادوا؟. ليتبين أن الخلل يكمن في رؤية ودواخل مسئولينا الذين متى ما أرادوا النجاح والعودة القوية للكرة السعودية أن يحسنوا اختيار المدرب ويمنحوه حرية العمل وتنفيذ ما يراه وما يقتنع به لا ما يرونه هم ويقتنعون به..