قبل أيام وفي إحدى إطلالات صديق النظام السوري وزير الخارجية الروسي لافروف الإعلامية قال «إن دولا طلبت من موسكو (في إشارة لألمانيا) منح حق اللجوء السياسي لبشار الأسد»، وهو ما اعتبرته «دعابة». حيث رد لافروف على نظيره الألماني فيسترفيله في مؤتمر صحافي «لقد اعتقدنا أنها دعابة، ورددنا عليها بدعابة: ما رأيكم، أنتم الألمان، أن تأخذوا الأسد بدلا منا». ويبدو أن الرد على تصريحات لافروف جاء سريعا وبشكل جماعي وصادما. عندما تبنى مؤتمر أصدقاء سورية في باريس أمس في بيانه الختامي الذي صادقت عليه أكثر من مائة دولة غربية وعربية بوضوح وبشفافية إلى ضرورة «رحيل» بشار الأسد، وليس إعطائه حق اللجوء السياسي، بل إن أصدقاء سورية ذهبوا إلى خطوة متقدمة نوعية تؤكد ضرورة استخدام الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة ضد النظام. إن ثورة الكرامة التي انطلقت منذ أكثر من سنة ضد نظام الاستبداد وصلت ذروتها، بل هي في نهايتها لاستئصال النظام السرطاني الأسدي. لقد أرسل مؤتمر باريس أقوى رسالة ليس فقط إلى بشار وإنما إلى روسيا، إن رحيل الأسد لم يعد دعابة على الإطلاق، وإنما هو مطلب للمجتمع الدولي. إذ حان الوقت لوضع حد لبربرية النظام الأسدي الجائر الذي اختار الطريق الدموي، وعليه أن يتحمل ثمن الدماء التي سالت في سورية، والمضي نحو تنفيذ بنود مؤتمر جنيف. كما حان الوقت لاستصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة بشأن الأزمة في سورية، وعزل النظام الذي أصبح من الواضح أنه يترنح خاصة بعد انشقاق أحد القيادات المهمة في المؤسسة العسكرية وهو العميد مناف طلاس، نجل وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس الذي خدم لفترة طويلة في عهد الرئيس حافظ الأسد، حيث اعتبر انشقاق طلاس التطور الأهم منذ بدء حركة الاحتجاجات في منتصف مارس 2011. ومن المؤكد أن لدى طلاس معلومات نوعية واستراتيجية حول وضع الجيش السوري يمكن أن يستفيد منها الجميع وليس الجيش الحر فقط. والذي نأمله أخيرا أن تستمع روسيا والصين لصوت الحكمة والعقل، والعودة إلى الإجماع الدولي، وعدم الرهان على نظام زائل عاجلا أم آجلا . وفي نفس الوقت تنفيذ قرارات مؤتمر باريس لكي لا يصبح البيان الختامي حبرا على ورق، والحفاظ على الشعب السوري الذي يتعرض حاليا لحرب إبادة من النظام.