عندما يتحمل الشعر الشعبي مسؤولية الإمتاع والترفيه نيابة عن باقي الفنون في مهرجان صيف جدة الموصوف باختلافه «جدة غير» نعني في ظل غياب الكثير من الأنشطة مثل حفلات الموسيقى والغناء والتقاء شباب جدة بنجومهم المفضلين في هذا المنحى، كان يجب أن تكون الأمسيات الشعرية بنفس تلك القوة الثلاثية للإمتاع والتي أقيمت كختامية لهذا النشاط أمس الأول. ثلاثي الأمسية عبدالله عبيان وسليمان المانع وفيصل اليامي، كانوا خير ختام للنشاط الأدبي الذي اعتبر أهم نشاط جماهيري في صيف هذا العام، في ظاهرة قد ترجح نجاحات النشاطات المنبرية على كل ما يقدم على خشبات المسرح والموسيقى والغناء، نعم جمهور الشعر بشقيه الشعبي والفصيح سجل حضورا مدويا في هذا الصيف في الأمسيات التي نظمها وأخرجها فيصل يماني في الغرفة التجارية الصناعية، إلى جانب الشاعر البحريني الكبير عبدالرحمن رفيع، حيث كانت الأمسية الأولى لسمو الأمير الشاعر خالد بن سعود الكبير الذي التقى بمحبي إبداعاته في جدة، وسط كوكبة من جماهير الشعر مطرزة بالعديد من الفنانين كان منهم محمد عمر، محمد المغيص، النجم طلال سلامة، ثم كانت الأمسية النسائية، فأمسية عبدالرحمن رفيع التي شاركه فيها عبدالعزيز الفراج وضياء خوجة وعلي الغامدي. ثلاثي الختام تألق غير محدود ظهر به الثلاثي عبيان والمانع واليامي، حيث تبارى الشعراء إبداعا وشعرا منذ أن قدمهم للجمهور الزميل سلمان المسدر «مدير الأمسية»، ليقدم كل منهم قصيدتين في كل مرحلة من مراحل الأمسية ومن أبرز ما قدمه الشاعر عبدالله عبيان كان ذلك الاستهلال الجميل بقصيدة وصفية في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي نالت إعجاب الحضور في بيت القصيد فيها «حتى عقاله عرفنا السر وش ميله .. وده يسلم على كتفه وفا واحترام»، ثم قدم الكثير من أشعاره التي كان يطالبه بها الحضور من تلك التي كان قد شارك بها في الكثير من الأمسيات والبرامج، وطولب من قبل محبيه بإلقاء نص الأوبريت الذي سبق أن قام بأدائه مطربون كبار تقدمهم عبادي الجوهر، عبيان كان الوحيد في الأمسية الذي زاوج بين شعر التفعيلة والعمودي في قوالب متناغمة تفاعل معها الحضور، وداعب عبيان المصور السوداني الذي كان ينقل الأمسية تلفزيونيا على قناة «المعنى» على الهواء مباشرة بقصيدة طريفة عن اعتقاد السودانيين بأن أوباما من أصول سودانية، وألقى قصيدته التي وجهها لصديقه السوداني عبدالحكيم: سافر لواشنطن وعمر بيت يا عبدالحكيم وسلم على باراك أوباما وبارك له شمام مادام جدانه من السودان وأنت افهم فهيم طش العمامة والبس البدلة وشيكها تمام أما سليمان المانع فقد استأنس الحضور بأوجاعه وأناته بإلقائه قصيدته الأشهر «سلة أوجاعي»، التي سبق أن تغنى بها علي عبدالستار والتي يقول فيها: وجع حب .. وجع خوف .. وجع شوق .. وجع ضيقة على كيفك وهاك اختار .. هذي سلة أوجاعي غلا واسمع نزيف الجرح .. كلام الصمت ما أطيقه أنا محتاج أسولف لك .. عن أول وآخر أوضاعي أما فيصل اليامي الذي كانت قصائده الأغلب قد عقدت صداقة مع حناجر كبار مطربي المنطقة مثل رابح صقر وحسين الجسمي وعلي بن محمد وأصيل بلفقيه، فقد كان في أجمل حالاته الشعرية إلقاء وهدوءا وجمالا، ونال إعجاب الجميع وهو يلقي قصيدته: الكبر لله .. ودوم ابن آدم صغير مهما تعلم وقال .. بيرجع لأصله من طين ربي خلقنا .. كيف نتغير دام الخطايا .. تزود طيننا بلة