يقع شخص ما في خطأ معين فننسى كل ما يتعلق بذلك الشخص ونحفظ الخطأ، ومع الوقت والتكريس المستمر يتحول هذا الخطأ إلى بصمة ثابتة في جبين صاحبه فلا يعرف إلا به وكلما مر الحديث عن خطأ مشابه تذكرنا صاحبنا سيئ الحظ. في ذروة هذا التنكيل والتضخيم والإقصاء لذلك المخطئ والرفض المطلق له ننسى أننا كلنا ارتكبنا بأشكال وطرق مختلفة من الأخطاء وربما الخطايا ما يفوق خطأه ويتجاوزه ولكن لأن الخطأ صادر منا فلابد أن لدينا أسبابنا ودوافعنا وبالتالي مبرراتنا لارتكاب هذا الخطأ، أما الآخرون فهم مخطؤون بالفطرة ومن حيث المبدأ حتى لو كانت أخطاؤهم مهما كبرت تغرق في بحور خطايانا التي ربما من حسن حظنا وستر الله بالدرجة الأولى أنه لم يعلم عنها أحد الأمر الذي يجعلنا نتفرغ للحديث عن الأخطاء/ الفضائح المكشوفة ونسهم مع غيرنا في خلق أرجل لها بل وأجنحة لتطير وتنتشر وتصل لأكبر عدد ممكن من الناس لتؤكد تطهرنا وبياضنا وبعدنا عما نرمي به الآخرين. مما ينقل في الأثر عن النبي عيسى بن مريم عليه السلام قوله عندما تجهز القوم بأحجارهم وشتائمهم لرجم المرأة المخطئة : من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر، فتوقفت الأيدي والألسن عن خوض معركة الطرف الواحد.. لو أن للأخطاء روائح أو علامات أو نواقيس تدق كلما أقبل المخطئ أو انصرف، فلاكتفى كل شخص بمداراة مساوئه بعيدا عن الحديث عن الآخرين، وهذا بالطبع لا يعني قبول الأخطاء وتمريرها وعدم إنكارها، لكن هذا الإنكار يجب أن يبدأ من الذات لأنه إن لم يكن كذلك فسيكون خطأ آخر نضيفه لأرصدتنا المليئة بما يشابهه.