بعد عشرين عاما على إطلاق مؤتمر قمة الأرض بعنوان من أجل تنمية مستدامة، لم ينجح هذا المؤتمر والذي عقد في مدينة ريو دي جنيرو البرازيلية منذ عشرة أيام إلا بفرض حماية البيئة على الأجندة العالمية، وذلك من خلال تركيز جلساته على ما يسمى بالاقتصاد الأخضر! وتعرف إدارة التنمية المستدامة والإنتاجية في الإسكوا الاقتصاد الأخضر على أنه نموذج يعيد تصويب الأنشطة الاقتصادية؛ لتكون أكثر مساندة للبيئة والتنمية الاجتماعية من أجل تحقيق التنمية المستدامة. في المبدأ وبحسب التعريف أعلاه يبدو الموضوع جميلا وهادفا وواقعيا. ولكن هذا المبدأ لا يتوافق مع ما خلص إليه المؤتمر. ففي حين يعيش 1 من أصل 5 أشخاص تحت خط الفقر في العالم، و1 من أصل 7 أشخاص دون طعام أو دواء، قدر المؤتمر حجم الاستثمارات في الطاقة النظيفة ب 162 بليون دولار في السنوات العشر الأخيرة، وتوقع ارتفاعها إلى 2.3 تريليون دولار بحلول 2020 مقارنة ب 83 بليون دولار استثمارات في الزراعة ومنتجاتها لإطعام 9 بلايين شخص بحلول 2050. هنا تظهر الأهداف الحقيقة لما يسمى بالاقتصاد الأخضر، والتي تروج لما تسميه بخلق فرص استثمارية جديدة ومبتكرة كالخدمات والسلع البيئية في حين أنها تحاكي أطماع واجندات الشركات العالمية الكبرى وتتحول إلى نموذج جديد من نماذج الضغط السياسي الذي تمارسه الدول الغنية المستهلكة للطاقة على الدول النامية المنتجة لها، في حين تطالب الدول النامية بمحاربة الفقر والجوع وغيرها من التحديات الملحة. فيتراءى لنا أن ما يسمى بالاقتصاد الأخضر هو اقتصاد الأخضر واليابس حيث تطمح الدول إلى تعظيم عوائدها من خلال التركيز على التحديات البيئية على حساب التحديات الاجتماعية الأكثر أهمية. من هنا أنادي بضرورة اقتصدنا الأخضر أي السعودي، والذي يعيد تصويب الاقتصاد ليحاكي الاحتياجات التنموية الوطنية ويركز على الاستثمار في الإنسان قبل النبات. دمتم على استدامة! * خبيرة في التنمية مستشار غير متفرغ في مجلس الشورى