إلى أبي الغالي .. أبي الحاضر الغائب.. ثمة ما ذكرني بك ولا أعرف المصدر .. هل هو الشهر الفضيل أم زيارتك المتكررة لي في الأحلام؟ أبي الغالي .. منذ أن فجعت بموتك وأنا في حالة صدمة .. لم أصدق حتى دخلت حجرتك الصغيرة ورأيت فراشك خاليا من جسدك النحيل .. لم يتبق من بقاياك إلا بعض الأدوية والشاش والسبحة .. وكم هائل من عصي المزمار الذي كنت تتفاوض للانضمام إليه مع مرضك البائس.. أبي الحاضر الغائب. حين رأيت نعشك فقدت عقلي .. تحسست وجهك البارد .. أردت أن أقول لهم تأكدوا من نبضه .. تأكدوا أرجوكم!!. إني أبحث عنك في كل الآباء!!. أبي الغائب .. اليوم عدت بشريط ذكرياتي الخاص معك ولكنه توقف عند ذكرى مؤلمة وبكيت بصمت عندما تذكرتها .. كم كانت قطرات الدم تسيل من عنقك المخروم على صدرك وأنت صامد بصبر مؤلم .. آآه يا أبي نزف قلبي قبل أن تنزف عيناك المكابرة .. أذكر أني خرجت من الحجرة وكنت أدفن وجهي في صدر أمي لأكتم أنيني .. أجهشت بالبكاء وخارت قواي.. يا أبي الغالي .. يا أبي الحاضر الغائب أسكنك الرحمن فسيح جناته.. والآن أدعك حيث أنت وأودعك حيث كنت والأكيد إلى لقاء قريب. أحلام فخر الدين (جدة)