ترتكز لغة الخطاب عند صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز على عدة مفردات تتسم وتتصل بأهمية تعميق الهوية الوطنية وضرورة الالتفات إلى هذه الهوية من خلال بعدها الديني والإسلامي مع التركيز على جعل الإرث الحضاري ضرورة وهدف. وفي كل خطب سموه في الجامعات السعودية وفي المناسبات الرسمية كان يدعو إلى حفظ تراث الجزيرة العربية من خلال الكتب والمخطوطات والرجوع إلى ما حفظته ذاكرة الآباء والأجداد وهو التراث الذي من شأنه أن يعزز الهوية الحضارية لهذا الوطن الكبير. ولعل ذلك هو ما جعل الأمير سلمان بن عبدالعزيز يرى بضرورة الحفاظ على ذاكرة الأمة من الضياع وذلك عبر تشجيع العلماء والباحثين المهتمين بتاريخ المملكة العربية السعودية التي أسسها رجل استثنائي هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وهو التاريخ الذي قدم نموذجا رائعا ومضيئا .. للوحدة الترابية والوطنية كان ذلك هو المرتكز الأساس في خطب الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولقاءاته الصحفية والإعلامية المختلفة وهو مرتكز يعطي للمسألة الدينية والحضارية والثقافية أبعادها الشاملة والكاملة ويضيء مفهوم «الهوية» بالمعنى العميق لهذه الهوية. في جل خطب وأحاديث ومقابلات سموه ثمة توجه واتجاه في لغة الخطاب السياسي والثقافي والمعرفي.. وثمة مفردات بعينها تعبر عن فكرة وعقلية رجل يرى بأهمية الإعلاء من قضية الانتماء الحضاري والوطني والإعلاء من قيمة العقول التي هي أثمن وأغلى ما تنتجه الأمم والمجتمعات ومن هنا كان انحيازه الدائم إلى الفعل المعرفي والثقافي ومن هنا كانت رؤيته الدائمة تتوجه إلى صياغة أذهان الأجيال الجديدة معرفيا وعلميا والتركيز على تدعيم مفهوم الانتماء الوطني. وليس أدل على ذلك من اهتمامه بجعل تاريخ المملكة في حقبه ومراحله المختلفة أمرا مهما في إضاءة البعد الوطني وجعل المحافظة على الموروث العلمي مدخلا إلى قيمة وأهمية هذا التاريخ وضرورة معرفة الأجيال الجديدة بما صنعه الآباء والأجداد منذ البدايات الأولى لتوحيد المملكة. من هنا تتجلى في خطب ولقاءات الأمير سلمان بن عبدالعزيز قضايا ومسائل تتلاقى فيها مفردات التاريخ والهوية والوطن وتتجلى بالمقابل القيم والمعاني التي يقوم عليها لغة الخطاب عند سموه بصفة هذا الخطاب يرتكز على أبعاد كبيرة وعميقة تتميز بالمباشرة والوضوح ولكنها تتسم أيضا بأهمية تعميق وتعزيز القيم العليا بوصفها قيم تتصل اتصالا مباشرا بالوطن والمواطن بالمواطنة والانتماء.. وليس مجرد مفردات عابرة فقط. إنها مفردات تتجه نحو جعل الانتماء بالمعنى الحضاري هو الانتماء الحقيقي لإنسان هذه الأرض المقدسة التي تحتضن مكةالمكرمة والمدينة المنورة وتمثل اليوم هذه الدولة الكبيرة في حجمها الاقتصادي ودورها السياسي وحضورها العلمي والمعرفي عبر الجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية المختلفة هوية وطن يضيء بالإيمان ويتعزز بالمعرفة والعلم وطموح الإنسان.