يعتبر سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز والذي اختاره الملك عبدالله كخلف للأمير نايف من الوجوه الناصعة الأساسية التي أظهرت صورة المملكة الإيجابية في الداخل والخارج، وساهمت بشكل كبير في دعم القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية، ليس فقط من جولاته العربية فحسب، وإنما من خلال زياراته العالمية وحرصه على إيجاد حلول للأزمات الإقليمية في المنطقة بكفاءة واقتدار، ونصرة قضايا المسلمين في أكثر من محطة تاريخية فاصلة. فكانت ثمرة هذه السياسة الحكيمة والمتزنة أن ارتفع اسم المملكة عاليا في المحافل الدولية، باعتبارها الدولة ذات الأيادي البيضاء في مدلهم الأمور، والجهة التي تعمل للسلام والأمن والاستقرار. لقد أدرك الأمير سلمان بحسه السياسي العالمي مبكرا أهمية تعزيز علاقات الرياض مع كافة دول العالم، فسعى جاهدا من خلال جولاته العالمية على شرح وجهة نظر المملكة حيال القضايا الثابتة بهدف دعمها في المحافل الدولية وإيصال رسالة المملكة السياسية لدعم الأمن والسلم العالميين، ولعل حجم الترحيب والتقدير الذي تلقاه الأمير سلمان لاختياره كولي للعهد دليل على مكانته وقدرته في المحافل العربية والعالمية فضلا عن حجم الإنجازات التي حققها والتي جعلت منه رائد الخطاب الرصين، والهادئ والمقنع والذي أصبح السمة الغالبة لإعلام العرب اليوم. ولما كانت الكلمة هي صلب اهتمامات الأمير سلمان، فقد كان طبيعيا أن يكون همه الانفتاح على ثقافة الآخر، وأن يمتلك القدرة على مخاطبته بالشكل المناسب وأن يوصل إليه المضمون بأفضل حلة وأجمل زينة، فقوة الدولة في العصر الحديث لم تعد مقتصرة على العدد والعدة المادية البحتة، بل أصبحت الصورة بما تعنيه من إيحاءات وإشارات نوعا من القوة الناعمة، التي تضاهي أحيانا كثيرة القوة الخشنة كما يقال عنها. ومجموع القوى ناعمها وخشنها يرسم موقع الدولة في عالم اليوم، ذلك أن العجز عن التعبير الناعم عن القوة الخشنة الزائدة، يفرط بالإمكانيات والقدرات المتاحة، ويهدر الفرص الكثيرة لتحقيق المصالح دون جهد كبير أو صرف الطاقات الكثيرة، كما أن المبالغة بإظهار القوة الناعمة دون رصيد مادي متين يجعل من الإعلام الذي هو لسان حال الوقائع مجرد أداة أيديولوجية ودعائية فارغة. وفي حالة المملكة، فإن عناصر القوة الصلبة متوافرة في كل مجال، بشري واقتصادي، جغرافي وسياسي، فألبس الأمير سلمان هذه العناصر مجتمعة خطابا إعلاميا يتناسب وحجم هذه القوة، فكانت الرصانة دليلا والعقلانية منهجا. ومع الثورة المعلوماتية التي وصلت آفاقا غير مسبوقة في تاريخ البشرية، وتعدد الأدوات والوسائل، فإن الاستراتيجيات الناجحة للأمير سلمان ستكون من مستلزمات التحديث والتطوير المستمرين في المملكة، وهو ما جعل المراقبين ينوهون بهذا الاختيار خصوصا في ظل سلسلة التحديات التي تحيط بالمنطقة العربية والإقليمية، والتي تتطلب قدرا عاليا من الفهم والإدراك للأسباب والعوامل، ومرونة عالية في اجتراح الخطط والتوجهات الكفيلة بالتفاعل الإيجابي والبناء وهذا ما يمتلكه الأمير سلمان عضد الملك وساعده الأيمن في التعامل مع مفهوم الدولة القوية، والتعامل مع هموم الإقليم والأزمات العالمية.