خالد الفارس (الرياض) كشف وكيل وزارة الداخلية الدكتور أحمد السالم، ل«عكاظ» عن آخر اتصال له مع فقيد الوطن سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز، يرحمه الله، موضحا أن سموه حدد العاشر من رمضان موعدا لاجتماع أمراء المناطق في جدة. واعتبر الدكتور السالم وفاة سموه صدمة كبيرة للمسلمين لما عرف عنه من عمل دؤوب في خدمة دينه ووطنه وأمته. وأكد السالم في حوار مقتضب أجرته «عكاظ» معه بعيد إعلان نبأ وفاة سمو ولي العهد وزير الداخلية، أن نايف سيظل في وجدان كل إنسان سعودي وعربي ومسلم، ولا يمكن أن يمسح من الذاكرة نظراً لإسهاماته الكثيرة .. وهذا نص الحوار: متى كان آخر حديث مع الراحل الكبير، وعن ماذا دار؟ • الحقيقة كان آخر اتصال مع الامير نايف رحمه الله، فجر الخميس الماضي، وكنت أتلقى توجيهاته في بعض الأمور والقضايا، منها موضوع اجتماع سموه، رحمه الله، مع أمراء المناطق، وبعد أن وضعته في الصورة، قلت له نريد توجيهاتك حول الوقت المناسب الذي تراه للاجتماع، فقال سموه «استعجل وعمم على أمراء المناطق بأن يكون الاجتماع في العاشر من شهر رمضان في جدة»، وهذا كان آخر توجيه تلقيته هاتفيا من سمو سيدي نايف بن عبدالعزيز وقد كان حريصا في عمله حتى وهو خارج البلاد. صف لنا كيف كان وضعه عندما تحدثت معه؟ • في الواقع كان كعادته دائما صحته جيدة، وكان يبدو عليه الارتياح والسرور ووجهنا كعادته رحمه الله، وكان بكامل قواه الصحية والذهنية ومتفائلا بالعودة إلى أرض الوطن، وقلت له أنت دائما في وجداننا واسمك ماثل أمامنا بوزارة الداخلية، وأنت معنا دائما، فشكرني وقال «كل أبناء الوطن في قلبي واشكر الجميع». بماذا شعرت بعد حديثك معه؟ • في الحقيقة لا أعلم، ولكن سبحان الله كأن هذه المكالمة كانت مكالمة الوداع. ما أبرز المواقف وماذا تحمل ذاكرتك لهذا الرجل؟ • منذ أن كان عمري 17 عاما وهو يحتضنني، وأمر بابتعاثي إلى أمريكا، ومن ذلك العمر وهو يرعاني ويعتني بي كثيرا لأكثر من 30 عاما. كيف استقبلت خبر وفاة ولى العهد؟ • نزل علي الخبر كالصاعقة، خاصة أنني تحدثت معه الخميس الماضي، وكان في قمة عافيته، ومن هنا فإن الصدمة كانت عنيفة، الأمير نايف لم يكن رئيسي المباشر، فقط بل كان أبا حنونا وعطوفا رحمه الله، والحقيقة كنا متفائلين بعودته ولكنها إرادة الله ولا راد لقضائه. نود أن نتعرف أكثر على أهم المواقف الخالدة في ذاكرتكم مع الراحل الكبير؟ • كان الأمير نايف أبا لي وليس رئيسا فقط، نايف علمني ودعمني، ونهلت من علمه ومعرفته الكثير، وأثناء عملي أمينا عاما لمجلس وزراء الداخلية لمدة تسع سنوات، كان يوجهني دائماً، فماذا أقول في رجل بحجم نايف لا يمكن أن تفيه حقه مهما تحدثت عنه، ومدرسة تعلمنا منها الكثير وسنظل نتعلم منه حتى بعد وفاته توجيهاته عالقة في ذهني، رحمه الله. هل تذكر لنا موقفا إنسانىا عايشته مع سموه؟ • المواقف كثيرة جداً لهذا الأمير الإنسان، ولا يمكن حصرها فنايف كان داعما لأعمال الخير وأياديه بيضاء مع كل من طلب مساعدته. اذكر لنا توجيها كان يحرص على إيصاله للجميع؟ • كان دائما ما يوجهنا بمخافة الله في السر والعلن، وكان حريصا على حقوق المواطن ودائم التوجيه لنا بأن حق المواطن مصان بكل الأحوال، ولا تتعرضوا لحقوق الناس، وكان يشدد دائما في توجيهاته لنا بأنه لن يقبل بكل الأحوال التحايل والتغاضي عن حقوق الناس مهما كانت المبررات، وأن اي تجاوز على حقوق الآخرين خط احمر لا يمكن الاقتراب منه. عندما كنت أمينا عاما لمجلس الوزراء العرب ما الموقف الذي لا تنساه لسموه؟ • في عام 1990م كانت الخلافات العربية في أوجها، بسبب غزو العراق للكويت، ورغم تشنج العراق في تلك الفترة، إلا إن وزير الداخلية العراقية كان لا يملك إلا الاحترام للأمير نايف، وكان دائما ما يصف الامير نايف بالأخ رغم قوة الخلافات في تلك الفترة، فنايف كان رجلا يجبرك على احترامه مهما كانت الظروف، وكان العدو يحترمه قبل الصديق ويعمل له ألف حساب، وكانت له طريقة وأسلوب لا تملك إلا أن تحترمه، فيرحمه الله كان لطيفا لبقا تشعر وأنت تقابله بأنك تعرفه من سنين. كيف كانت بيئة العمل مع الأمير نايف؟ • بيئة العمل مع هذا الأمير الإنسان كانت مريحة ورائعة جدا، وكان يأخذ برأينا في اي اجتماع، وتجده حريصا على الاستماع لرأي كل واحد دون ملل، ودائما ما يقول لنا إذا كان لديكم رأي أو وجهة نظر أرجو أن تطرحوها، ولا تخفوا عني اي شيء، كان ديمقراطيا رحمه الله.