لا نملك أمام هذا المصاب الجلل المفاجئ والفاجع للجميع إلا أن نقول لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون، رحم الله الأمير الإنسان نايف بن عبدالعزيز وأدخله واسع جناته وعظيم رحمته، فقد كان قائدا محنكا ذكيا ملما بكل شاردة وواردة فيها نفع للوطن وما يحفظ أمنه واستقراره والعزاء للجميع وليس لأسرته فقط. من ذكريات الدراسة في الغرب والتي كان له الفضل بعد الله علي في إكمالها ما حدث لي من لقاء مع المستشار الأمني الكبير فرانك قاردنر والصحفي العالمي المعروف وخبير الإرهاب مراسل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لشؤون الأمن أثناء فعاليات عمل ثقافي مميز امتد لعدة أيام ومكان الحدث جامعة أبردين العريقة الواقعة على بحر الشمال الاسكتلندي البريطاني في مدينة تسمى عاصمة أوروبا البترولية. وبعد التنسيق مع بعض مسؤولي الجامعة تمت دعوته للعشاء بالنادي السعودي وتقديم درع مميز وشهادة تقديرية وذكرت له أن تلك الهدايا باسم نادي الطلاب السعوديين وباسم المملكة. وفي حديثي المطول معه جذبنا الحديث عن الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة فكريا وعمليا لمكافحة الإرهاب وقد أيدني وقال: من متابعتي المستمرة وجدت أن وزارة الداخلية السعودية وتحديدا شخص وزيرها القائد الذكي والحاسم نايف بن عبدالعزيز حققت نجاحا مميزا في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، وإن كانت لم تقض عليه تماما، وربما لن تستطيع أن تهزمه تماما لوجود الخلايا النائمة التي يجب كشفها والتعامل معها. وقال لدينا في بريطانيا خبرة تمتد 30 سنة في مواجهة الجيش الجمهوري الايرلندي، وبالرغم من ذلك تقع انفجارات في قلب لندن. لا يوجد بلد آمن من الإرهاب، ولكن لا يعني ذلك القول بعدم بذل الناس لأقصى جهودهم لوقفه. وفي ما يتعلق بمواجهة العنف بالعنف، ذكر أن المملكة بجهود وزير الداخلية الأمير نايف رحمه الله تقوم بعمل في غاية الجودة والدقة. فقد نجحت في تحطيم العديد من الخلايا. كما قامت بعدد من النشاطات التي تصب في خانة تجفيف منابع الإرهاب. إن وزارة الداخلية السعودية قامت بعمل جيد وأهنئكم بوجود رجل بحجم الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية فهو صاحب فكر منظم وهدوء لا يظلم فيه أحد وصاحب دهاء يعلم متى يخطط ويستشرف للمستقبل ومتى وكيف يتحرك وفق ما أعد متخطيا كل الصعوبات والمعوقات، كما أشاد وبإعجاب شديد بأعماله وفكره ومن يعمل معه بجهاز الأمن واعتبر ما يقومون به من أعمال في ملف مكافحة الإرهاب والعنف نموذجا يستفيد الغرب منه وخاصة فكرة المناصحة واحتواء أهل الفكر المنحرف، وقال لي هنيئا لكم بمثل هذا الرجل المتسامح ومن يفكر في صمت وحكمة ولا يحب الأضواء الإعلامية، فرغم محاولاتي المتكررة معه لإجراء لقاء فقد كان يعتذر بأدب ولباقة. وقال في ختام حديثه وبنبرة جادة «ليت لدينا نسخة من فكر الأمير نايف»، رحم الله سموه الكريم وأدخله فسيح جناته وبارك في القيادة للسير بالوطن لمصاف العالم الأول. * باحث في مجال حقوق الإنسان والعدالة الجنائية - المملكة المتحدة - جامعة أبردين