ليس ثمة مأساة في عصرنا الحاضر تشبه مأساة الإنسان السوري الشقيق في أرض الشام المباركة، حيث تتجلى أبشع الصور والجرائم وحكايات الموت المروعة والتي لاتنتهي أبدا.. فنظام البعث أصبح اليوم أكثر اتقانا وأكثر جرأة في وحشيته، حيث يتلذذ في حصد أشلاء الضحايا المدنيين من أبناء شعبه ويثبت للعالم بأسره أنه بالفعل يجيد بعناية فائقة لغة الدماء والقمع والتعذيب والترويع. إن المشاهد والصور والإحصائيات والممارسات تكشف عن خبرات تراكمية مهولة في السحق والتدمير والإلغاء والتنكيل للمواطن العربي السوري. وليس مايحدث اليوم في سوريا هو أمر جديد؛ بل هو امتداد لتاريخ دموي طويل سكبه خطاب (البعث) بدم قان منذ مجزرة حماة في عام 1982م إبان حكم حافظ الأسد. لقد هيمنت لغة الفتك والقمع منذ لك الحين وحتى الآن ولسنين طويلة؛ لكنها أفضت اليوم إلى انتفاضة عظيمة وثورة حرة للشعب السوري في مواجهة ترسانة دموية تعادي الإنسانية بوجه عام.. وحين ألف المفكر السوري الدكتور برهان غليون كتابه (اغتيال العقل) في الثمانينات الميلادية أكد فيه على أن (الأصل في المجتمع أنه يكون كلا واحدا لاتنفصل فيه الثقافة عن السياسة عن الاقتصاد) وليس ثمة أفظع من عمليات الفصل القسرية التي كان ومايزال يمارسها حزب البعث بخطابه الذي يفرض نوعا واحدا من الثقافة تهيمن على مناحي الحياة.. وليس الذي يحدث فقط في سوريا منذ عقود طويلة اغتيالا للعقل وحسب لكنه كان اغتيالا للفعل واغتيالا للجسد واغتيالا للمنجز الإنساني واغتيالا للثقافة واغتيالا للدين؛ ولكن بين تلك الصور الموغلة في الدموية والسوداوية سيولد فجر جديد في بلاد الشام وستفضي هذه الثورة الحرة الطاهرة إلى بلورة مشروع وطني حضاري في سوريا بإذن الله تعالى وقد تجاوز فعل الثورة اليوم صعوبات كبيرة باتجاه الانتصار ورغم الكثير من التضحيات والدماء الطاهرة ورغم صعوبة الأمر ووحشية النظام السوري، إلا أن الثوار متفائلون بالنصر القريب من الله سبحانه وتعالى.. ورحم الله شاعرنا الكبير غازي القصيبي وهو يرثي الشاعر العربي السوري الراحل عمر أبوريشة يرحمه الله في قصيدة تنزف وجعا حيث يبث له دعواته الشعرية وتهنئته بالنوم الأدبي بعيدا عن حالة الانكسار والواقع المرير في الأرض العربية يقول القصيبي: ليهنك النوم! لاخزي تعيش به كما نعيش.. ولاذل .. ولاخور ليهنك النوم! هذا مجدنا طلل تبكي عليه بواكي العز.. مندثر إلى أن يقول: كأنما اغتصب التاريخ واختطفت منه الرجال وعاش الخائن الأشر [email protected]