أكد سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحافي في ختام أعمال الدورة ال 123 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون برئاسته في جدة أمس أن الاتحاد الخليجي المقترح يلتزم باستقلالية دوله وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وقال سموه في رد على سؤال عن التحفظات على مبادرة الاتحاد الخليجي من بعض النخب والمواطنين «لا توجد مكتسبات لدولة عن أخرى في الاتحاد الذي لا يختلف بطبيعته عن مجلس التعاون بل هو تغيير وتبديل اللجان إلى هيئات تعمل على تنفيذ الجوانب السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية وهذا هو التغيير الأساسي في الاتحاد خاصة وأنه يلتزم بشكل دقيق باستقلالية الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.». وأجاب الفيصل على سؤال عن تقرير الهيئة المتخصصة بدراسة مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قائلا: كان من المفروض أن الهيئة الخاصة بالعمل على صياغة القوالب أرسلت الخطة النهائية للدول الأعضاء واستلمت ملاحظاتها على ما تقدمت به ووجد أن الإجابة على التساؤلات التي أخذت على ملاحظات الأعضاء لم تنته مؤخرا. وأشار إلى حرص المملكة على أن لا يتم الاتفاق إلا على شيء يلبي طموحات كل الدول الأعضاء التي قررت أن تطلب من المجلس أن يعيد النظر في الاجتماع القادم في المجلس الوزاري لأنها لا تطمح إلا إلى تقوية المجلس الوزاري. وكان سموه استهل المؤتمر الصحافي بكلمة قال فيها: إنه تنفيذا لقرار المجلس الأعلى في اجتماعه التشاوري الأخير بالموافقة على مقترح خادم الحرمين الشريفين بأن يقوم المجلس الوزاري باستكمال ما ورد في تقرير الهيئة المتخصصة بدراسة موضوع الانتقال إلى مرحلة الاتحاد وبمشاركة رئيس الهيئة اطلع المجلس على التعديلات المقترح إدخالها على النظام الأساسي للمجلس. وأشار إلى أنه نظرا لعدم اكتمال ردود الدول الأعضاء وذلك لتعميم المقترحات عليها قبل فترة وجيزة فقد وافق المجلس على مقترح المملكة باستكمال دراستها في دورة المجلس القادمة بمشيئة الله تعالى. وأبان أنه في إطار القضايا السياسية التي تم بحثها في الاجتماع الوزاري تصدرت المجزرة الإنسانية الشنيعة التي جرت في الحولة بمدينة حمص السورية النقاش، بما في ذلك استمرار تدهور الأوضاع على الساحة السورية عموما دون بارقة أمل للحل، الأمر الذي يحمل مجلس الأمن مسؤولية القيام بواجباته التي نص عليها الميثاق واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التطبيق الفوري لخطة المبعوث المشترك، بما في ذلك اللجوء إلى الفصل السابع من الميثاق. وأوضح أن الاجتماع استعرض كذلك الأوضاع في اليمن، وعلى ضوء متابعة تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقرارات المجلس الأعلى والمجلس الوزاري لأوجه التعاون مع اليمن. وقال: كلنا أمل في تكاتف الأشقاء في اليمن بكافة أطيافهم السياسية والاجتماعية لتحقيق الأمن والاستقرار. وأفاد أن الاجتماع الوزاري الخليجي بحث أيضا تطورات الجزر الإماراتيةالمحتلة، والانتهاكات الإيرانية المتكررة لسيادة الإمارات على الجزر. وجدد وقوفه الكامل مع دولة الإمارات العربية وتأييده التام لسياستها في هذا الصدد. واستعرض نتائج الاجتماع الأخير لمجموعة (5+1) المعنية ببحث الملف النووي الإيراني، التي للأسف الشديد لم يحرز فيها أي تقدم يذكر يزيل الشكوك الإقليمية والدولية حيال سلامة برنامج إيران النووي واستخدامه للأغراض السلمية، ووفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها الأمر الذي يستوجب من إيران تعاونا أكبر مع المجموعة الدولية في هذا الصدد. وبين أن الاجتماع استعرض كذلك القضية الفلسطينية وتطورات العملية السلمية، وذلك على ضوء الاجتماع الأخير للجنة مبادرة السلام العربية، وأبدى دعمه وتأييده لجهود السلطة الفلسطينية سواء فيما يتعلق بتحقيق المصالحة الفلسطينية وإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في موعدها، وأيضا فيما يتعلق بالدفع بمسيرة السلام عبر مفاوضات جادة ومحددة بسقف زمني واضح وإطار مرجعي يستند على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وبما يعالج كافة القضايا الجوهرية للنزاع، ويفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس.. وفي رد لسموه على سؤال عن البرنامج النووي الإيراني قال: إن البرنامج صعد وتيرة التهديدات في المنطقة وبالتالي هو خطر إذا لم تراجع إيران قرارها وتعطي فسحة من الزمن لدول المنطقة أن تستقر وأن لا تدخل عناصر جديدة على ما هو الآن أزمة كبيرة في النفط بسبب ما قامت به من احتلال الجزر الإماراتية والتصعيد الإعلامي والتهديدات المتكررة على المنطقة. وتابع: نحن نأمل من إيران أن تغير سياستها في هذا الإطار ولا أستطيع أن أتخيل أنها تكون سببا في تدمير المنطقة لأن إيران ستكون من أول الخاسرين وأن تطمئن دول الخليج والمنطقة أن لا خطر لإجراءاتها التي تتخذها. وفي ما يتعلق بتغيير الموقف الروسي تجاه الملف السوري، قال الفيصل: نحترم روسيا كدولة مؤثرة في الساحة الدولية وهي دولة كبرى وعضو دائم في مجلس الأمن، ومن ضمن الأسباب التي انزعجنا منها هو أننا نقدر السياسة الروسية ونتفاعل معها لذلك دخلنا معها في حوار استراتيجي، واعتقد أن هناك قاعدة من التعاطف مع روسيا في الساحة العربية نأمل أن لا تفقدها روسيا ولا تسوء علاقتها بالعالم العربي؛ لأن الموقف الذي اتخذته في مجلس الأمن لا مبرر له ونأمل من روسيا أن يكون هناك إعادة تقييم لسياستها تجاه المنطقة وخاصة سوريا. وتابع: إذا كانت روسيا حريصة على علاقتها مع سوريا اعتقد أنها تخطئ في الوقوف أمام التيار الشعبي السوري الذي يتكبد ويضحي في سبيل الوصول إلى أهدافه، ولا بد أن يؤثر هذا على سياسة روسيا وإلا ستفقد الكثير من تأثيرها في الساحة الدولية.. أما في ما يخص موضوع كوفي عنان بدأنا نفقد الأمل في إمكانية الوصول إلى حل في هذا الطريق ما لم يكن هناك قرار من مجلس الأمن على البند السابع ينص على تطبيق النقاط الست، ونحن نأمل أن يكون التقرير الذي سيقدمه عنان للأمم المتحدة خلال شهر واضحا وصريحا ولا يحول ما هو واقع في سوريا ولا يغطي على الفضائع. وكان الأمير سعود الفيصل أكد في كلمة القاها في اجتماع المجلس الوزاري على ضرورة توظيف مجلس التعاون الخليجي لكل إمكانياته لإيجاد حل سريع لحقن دماء الشعب السوري وحماية المدنيين. مؤكدا في نفس الوقت على أهمية تمكين الشعب السوري من الدفاع عن نفسه أمام آلة القتل والتدمير من قبل قوات النظام السوري. وأوضح أنه على رأس المواضيع المعروضة على الاجتماع الوزراي متابعة تنفيذ قرار اللقاء التشاوري لقادة دول المجلس والذي عقد في مايو الماضي الخاص بانتقال المجلس من حالة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. موضحا أن القادة وافقوا في لقائهم التشاوري على اقتراح خادم الحرمين الشريفين بأن يقوم المجلس الوزاري باستكمال دراسة ما ورد في تقرير الهيئة المتخصصة المعنية بالانتقال إلى مرحلة الاتحاد الخليجي، وبمشاركة رئيس الهيئة والرفع بما يتم التوصل إليه من توصيات للمجلس الأعلى لاتخاذ قرار بشأنها في اجتماع المجلس في الرياض. وتابع قائلا «بما أن ردود الدول الأعضاء والتعديلات المقترح إدخالها على النظام الأساسي للمجلس لم تكتمل إلا في وقت قريب فإن من الأجدى توفير الوقت الكافي لإعداد الردود على هذه الملاحظات، واستكمال دراستها في دورة المجلس الوزاري المزمع عقدها في سبتمبر المقبل .