أدى الفن التشكيلي بجميع أنواعه دوره المهم في تأييد المتظاهرين في كافة الثورات، سواء العربية أو العالمية منها، وذلك عن طريق الفرشاة والألوان مفترشين الميادين ليقدموا عشرات اللوحات بأطوال مختلفة، مستلهمين أجواء الاعتصام ونبرات الاحتجاج لدى المعتصمين عن طريق الرسم والتلوين وكتابة بعض العبارات الموجهة، ومن هنا كان للفن التشكيلي في أوقات الثورات والتقلبات السياسية على مستوى العالم دور يكاد يرقى لمستوى المحرض والملهم في تنافس مع قوة السلاح واليد معا. هذه المشاهد البانورامية تكررت كثيرا على مستوى الأحداث والثورات السياسية في جميع أنحاء العالم، ولعلنا نتذكر الأحداث التاريخية المهمة التي وقعت في فرنسا أواخر القرن الثامن عشر، كانت فرنسا وقتها غارقة في أتون الدماء والعنف الذي طبع الثورة الفرنسية منذ بداياتها، وعبر الفنانون الفرنسيون بصدق عن تلك المعاناة في هذه الفترة، حيث تفجرت الثورة الفرنسية وحركت عجلة الفن مستمدة أفكارها من أداة الترويج الثورية. أيام خلت في ميدان التحرير في مصر، حيث لم يختلف المصريون كثيرا عن الفرنسيين فهم يحملون ثقافة عالية تراكمت على مدى تاريخ حضارات مصر، وحملتهم وعيا ثقافيا وفنيا استخدم كأداة تعبير مهمة في الميدان، مما أوجد حالة من الحوار الإيجابي من خلال التعليقات المشجعة، فضلا عن التساؤلات التشكيلية من الجمهور عما تعبر عنه رسوماتهم الملونة. فعلى أحد أرصفة الميدان توجد مجموعة كبيرة من اللوحات الفنية المعلقة التي تظهر أحاسيس ومشاعر الشعب تجاه الثورة والنظام، حيث تجمع كثير من المتظاهرين في الاستمتاع بهذه اللوحات يجمعهم فنهم وحبهم لمصر، فعبروا خطا ورسما وكاريكاتيرا وتصويرا في هذه الأحداث. في المقابل تجد اللافتات واللوحات والرسومات الكاريكاتيرية في ميادين سوريا المختلفة تقدم ذلك الأنموذج الصاخب للثورة والرافض لنظام الحكم الجائر والذي عاث في الأرض فسادا، فكم من لوحة جميلة وعبارات راقية كتبت بدماء الشهداء ورسمت بأنامل أطفال كان مصيرهم الموت ولتبقى أعمالهم شاهدة على جور الزمان. نخلص إلى أن دور الفن التشكيلي وأهميته تتعدى المفهوم الجمالي إلى آفاق أرحب، تختلط فيها أدوات الثقافة والأدب بأدوات السياسة.