لا يبدو أن ما يسمى الربيع العربي هو (ربيع) بصدق وقد يبدو أنه خريف بدأت تتساقط فيه أوراق أماني الشعوب العربية التي فرحت بثوراتها وإسقاط أنظمتها (الدكتاتورية) التي استبدت بها عقودا طويلة. ولا شك في أنه شيء رائع أن يسقط كل نظام مستبد، ولكن الأروع أن يكون البديل فيه حل لمشكلات ظلم الماضي وقسوته واستبداده. ولكن ما يحدث في تلك الدول التي سقطت فيها (الأنظمة المستبدة على يد شعوبها أو بفعل فاعل خارجي) لا يبدو أن تلك الدول تسير أو ستسير في الطريق الصحيح لجني ثمار تلك الثورات على شكل نظام ديمقراطي عادل يكفل حق الاختيار للمواطن في ترشيح من يريد ويضمن للمواطن فيها الحرية والعدالة والحياة الكريمة بعزة وكرامة. إن ما يحدث الآن من فوضى عارمة في تلك الدول لا يبشر (بربيع عربي ) ولا يبدو في الأفق أن تلك الفوضى ستنتج عنها شعوب ديمقراطية وإلا ماذا نسمي ما حصل وما يحصل الآن في تلك الدول. وصوت الانفجارات والسيارات المفخخة يصم الآذان بين الفينة والأخرى والشعب يفتقد للكهرباء والماء والغذاء فهذه ليست ديمقراطية ولا يمكن لأي شعب مهما كانت سذاجته أن يقبل مثل تلك الديمقراطية. وحينما يسود النظام العشائري وتنقلب الدولة من نظام مستبد إلى نظام قبلي يحكم فيها بعض القبائل الكبيرة وتضع يدها على مقدرات الشعب ومرافقه الحكومية الهامة فهذا ليس نتاج الديمقراطية التي يأملها الشعب.. وحينما يخون كل فرد الآخر ولا يثق فيه ولا يوجد اتفاق على شيء وتظهر أكثر من (30) قناة تليفزيونية لا توجد منها قناتان متفقتان.. فهذه لا علاقة لها بالديموقراطية ولا يمكن أن ينتج عنها تحقيق تطلعات الثوار الذين ضحوا من أجلها وبناء عليه فدعونا نقول وبصوت لا يشوبه (حشرجة) إن شعوبنا العربية بفكرها القبلي وتفكيرها العشائري لا يمكن أن ينتج عنها نظام ديموقراطي يشابه النظم الديمقراطية المتحضرة فالديمقراطية لدينا هي لمن يكسب بعلو الصوت وإقصاء الآخر وإقصاء كل ما يمنع تحقيق هذا الهدف. حتى ولو تطلب ذلك السير على جثث أبرياء وتدمير ممتلكات.