عندما يبدو العالم أضيق من ثقب إبرة شبع منها الصدأ، ويبخل الكون على رئة الروح بجرعة تفاؤل، وتتربص سهام الواقع بالقلب كلما غرد على شرفات الحنين إلى الذكريات، ويستقيل قوس قزح من ألوان الفرح لينطوي تحت لون الحداد، ويصير الحزن قاعدة، والبهجة استثناء، والأمل مكرمة شحيحة من مكرمات الحياة، تغدو العودة إلى طفولة القلب آخر أطواق النجاة. العاجزون عن قطع تذكرة عودة إلى طفولة القلب لا تقبل بهم إلا محطات الحزن المزمن، واليأس القاصم، وشيخوخة الأحلام التي تفضي إلى انسداد شريان الأمل بالمستقبل، لأنهم فقدوا نبضة الانبهار بالجمال، وخفقة الدهشة أمام تفاصيل الكون الصغيرة التي تخفي وراءها أسرارا إلهية كبيرة، كقطرات الأمطار العذبة، وأجنحة الفراشات المنقوشة، وبتلات الأزهار الملونة، وأنفاس العصافير الذاهلة، واسترخاء القطط التي تدلل نفسها تحت أشعة الشمس بسخاء. والرحلة إلى الطفولة في إجازة من واقع الغبار والضجر لا يكون إلا بالتفتيش عن الدهشة في مكامنها التي لم تكتسحها تجاعيد الحياة الروتينية ورتابتها البليدة؛ في مساحات الطبيعة الغنية، في بلد أو أرض لم تطأها قدمك من قبل، في قراءة كتاب يحتضن قصصا عجيبة، في تعلم لغة جديدة، في تجربة هواية جديدة، لعبة جديدة، مهنة جديدة، مذاق طعام جديد مجهول المكونات، والأهم من كل هذا؛ المغامرة بين حين وآخر بتجربة أشياء يتوهم النمطيون وذوو المشاعر الآلية أن الاقتراب منها ضرب من الجنون لأنهم يخشون الاقتراب مما يجهلون، مادامت مغامراتك تلك لا تتعارض مع قوانين الدين أو البلد الذي تقيم تحت سمائه.. البحث عن الدهشة هو مفتاح سر «طفولة القلب»، وإذا أضعت هذا المفتاح أو أهملته إلى أن يفترسه الصدأ ؛ فلا تلومن إلا جهلك. للتواصل عبر تويتر: Twitter @zainabahrani [email protected]