مع كثرة «الحلول» التي نقرأ عنها في الصحف يومياً، بدأت أشك في مفهومي الخاص للكلمة. ففتحت المعجم وقرأت التفسير: كلمة حل تعني « تسوية أمر أو تحديا أو مشكلة ما». فوجدت بذلك أن المشكلة تكمن في واحد من اثنين : إما سوء استخدام للكلمة لغوياً في وسائل الإعلام، وإما أنها إبرة مورفين من المسؤولين عن وضع الحلول لتحدياتنا الاقتصادية والاجتماعية. فمع كمية «الحلول» التي تم إطلاقها في السنوات العشر الأخيرة لمعالجة البطالة كان من المفروض أن تكون نسبة البطالة عندنا شبه معدومة. لنأخذ إحد هذه « الحلول» التي يكثر تداولها: تشجيع «ريادة الأعمال» كحل لمشكلة البطالة. بغض النظر عن ال8 ملايين وظيفة التي يشغرها غير سعوديين في المملكة، هناك توجه قوي لخلق «رواد أعمال» ، بدءاً بإنشاء صناديق تمويلية عدة لتأسيس معاهد متخصصة. «حلول» من شأنها تشجيع المتقدمين وتدريبهم وخلق التسهيلات لبدء مشاريع صغيرة لتمويل أعمالهم ومن دون معرفة احتياجات سوق العمل. وبغض النظر عن الكفاءات والمهارات التي تتطلبها إدارة هذه الأعمال. بمعنى آخر، دون أي تخطيط لدمجهم في منظومة اقتصادية مكملة وضامنة للاستمرارية. فتتاح هذه الميزانيات دون إيجاد العوامل التي من شأنها خلق «رواد أعمال المستقبل» تاركين هؤلاء «الرواد» بعيدين عن الأمان الوظيفي ودون رؤية مستقبلية واضحة. فصحيح أن إيطاليا مثلا استطاعت أن تخفض نسبة البطالة من 12% إلى 6 % خلال 9 سنوات من خلال تشجيع ريادة الأعمال ولكن ذلك تم ضمن خطة محكمة حيث خلقت الحكومة الإيطالية منظومة متكاملة تغذي من خلالها المنشآت الصغيرة الشركات الكبرى وتخلق فرص عمل وذلك ضمن برنامج زمني محدد ومعايير تقييم واضحة..... أما عندنا، فمازال هذا الحل بمثابة إبرة مورفين لهذا الجسم الذي لن يعالج إلا من خلال عمل مكثف وتضافر جهود وتنسيق وقبل كل هذا وجود النوايا الصادقة لخدمة المصلحة العامة وذلك بتهيئة شبابنا لتبوؤ مناصب في الإدارات الوسطى وتأهيلهم لوظائف تقنية وفنية تساعدهم على الحصول على الوظائف التي تضمن لهم الدخل المنتظم وميزات وظيفية وضمانات مادية وصحية والأهم من ذلك أنها وظائف لا ينافسهم عليها العامل الآسيوي. عندها فقط تتحول «الحلول» إلى حلول! ومن الحلول إلى التنمية، ومن التنمية إلى الرفاهية.