انتهت الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة في مصر بوصول أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في النظام السابق، والدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين إلي جولة الإعادة، وذلك في انتخابات أشاد بها العالم، وأكد المراقبون على نزاهتها، وهو أمر يحسب للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، إلا أن بعض القوى السياسية لم تسعدها هذه النتيجة، ورغم أنها نادت بدولة ديمقراطية جديدة إلا أنها أعلنت رفضها لما أسفرت عنه صناديق الانتخابات، حيث يتعرض شفيق لهجوم من جانب أحزاب التيار الديني بأكملها، وكذلك قوى الثورة، ويقود هذا الهجوم شخصيات إعلامية مشهورة بقدرتها على التهييج والبعد عن الموضوعية. وفي الحقيقة، فإن غياب مرشح يعبر عن الثورة المصرية في الصورة النهائية يرجع بالدرجة الأولى لقوى الثورة التي تشتتت إلى أكثر من مائة ائتلاف، وعجزت عن تشكيل حزب قوي، وسمحت لأحزاب وقوى أخرى أن تقفز على هذه الثورة، وأن يحدث هذا الاستقطاب الحاد في الجولة الثانية للانتخابات، وهو ما ينذر بأزمة سياسية حادة، يغذيها أنصار التيار الديني القلقون من احتمال فوز شفيق فلا تكتمل الهيمنة على سلطات الدولة. وفي ظل الإحباط الذي يشعر به شباب الثورة الذين لم يصلوا إلى مجلسي الشعب والشوري، وسوف يغيبون عن الرئاسة، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول ما انتهت إليه الثورة المصرية. المهم أنه فور إعلان مؤشرات هذه الانتخابات، بدأ الحديث حول تحالفات سياسية استعدادا لجولة الإعادة، وبدأ أول هذه التحالفات بين الإخوان وكافة القوى والتيارات السلفية، وهو ما اختلف عما حدث في الجولة الأولى. وهناك حديث عن استعداد قوى ثورية للتصويت لمرسي، ليس اقتناعا به، ولكن للوقوف في وجه شفيق، ومن الواضح أن الأسبوع الحالي سوف يشهد تعديلات كبيرة في خريطة المواقف واتجاهات الكتل التصويتية في جولة الإعادة في ظل مناخ متصاعد من التوتر، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول الحالة المصرية خلال الأسابيع المقبلة، ويزيد من حدة هذا التوتر، أن تلك التوترات تتزامن مع موعد الحكم على مبارك يوم 2 يونيو، واحتمال صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا يمكن أن يؤدي إلى حل مجلسي الشعب والشورى، فهل تتجه القوى السياسية على اختلافها إلى تقديم مصلحة واستقرار الوطن على حساب مصالحها الضيقة؟ وهل تعبر مصر هذه الأزمة السياسية وتستكمل إعادة بناء مؤسساتها السياسية؟