أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أمس الأول أثناء إلقاء محاضرته عن الجهود التي تقوم بها حكومة المملكة لتعزيز أبعادها الحضارية، في المتحف البريطاني ضمن الندوة العلمية المصاحبة لمعرض «الخيل من الجزيرة العربية إلى سباقات آسكوت الملكية» الذي يقام حاليا في العاصمة البريطانية، أن ما تشهده المملكة اليوم من اهتمام استثنائي بالتراث الوطني وإبراز للبعد الحضاري يرجع إلى الدعم الكبير من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي استطاع باقتدار الموازنة بين تحقيق تسريع التنمية والتطوير الشامل في مختلف المجالات، وبين المحافظة على الأصالة وترسيخ الاهتمام بالموروث الثقافي والحضاري وتشجيع الاكتشافات الأثرية، وتطوير المواقع، وتوجيهه باطلاع العالم على مكانة هذه البقعة في سلسلة التاريخ الإنساني، وربط المواطنين بتاريخ بلادهم العريق واعتبار هذا الموروث أحد المكتسبات الوطنية التي تميز الشعب السعودي، كما دعم استشراف المواطنين لمستقبل بلادهم الذي يتكئ على إرث من الحضارات المتعاقبة التي شكلت هوية إنسان الجزيرة العربية، ومشاركته الفاعلة في تشكيل الحضارة الإنسانية. وقال: «نحن فخورون كمواطنين سعوديين بأن تكون أرض المملكة حاضنة لأقدس بقعتين في العالم وهما مكةالمكرمة والمدينة المنورة، مما حمل المملكة مسؤولية القيام بمهام جسيمة تجاه العالم الإسلامي والبشرية جمعاء، وأن تسعى بشكل دؤوب إلى تحقيق الاستقرار والسلم العالميين»، مشيرا إلى أن هذا النهج الحكيم مستوحى من تعاليم الإسلام السمحة، التي تعد سبب ما تنعم به المملكة من استقرار وازدهار، حيث تشكل تعاليم الإسلام وقيمه نهج قيادة المملكة وشعبها في كافة مناحي الحياة اليومية. واستعرض الخطوات التي تقوم بها الدولة نحو تعزيز البعد الحضاري للمملكة، بهدف تحويل التراث الثقافي الوطني إلى واقع معاش؛ عبر تأهيل الأمكنة التاريخية والمواقع الأثرية والتراثية وتطوير الحرف اليدوية، وتقديم البرامج التعريفية والتوعوية للتغلب على القصور الكبير في إدراك البعد الحضاري للمملكة سواء من قبل المجتمع المحلي أو الدولي، حتى أصبح المجتمع يعيش حاليا مرحلة انتقالية إيجابية في نظرته للتراث، وقال: «إننا هنا اليوم في المتحف البريطاني تنفيذا لتوجيه خادم الحرمين الشريفين الذي وجه باطلاع العالم على اكتشاف حضارة المقر الذي يثبت حسب الدراسات أن أول استئناس الإنسان للخيل معروف حتى الآن كان على أرض الجزيرة العربية 9000 سنة مما يثبت ارتباط إنسان هذه الأرض بالخيل كثقافة وحاجة أساسية في الحياة». وأشار إلى أن الشواهد الأثرية والتعاقب الحضاري وتقاطع طرق التجارة والتبادل الاقتصادي هو خير شاهد على أن أرض الجزيرة العربية لم تكن منغلقة في يوم من الأيام، بل كانت في حوار حضاري وثقافي واقتصادي متواصل مع الآخر، وأكد أن المملكة تمارس دورها الحضاري عبر تأسيس التواصل الحضاري بين الشعوب، كما أنها المملكة تعد أكثر الدول الداعمة للأعمال الإنسانية في العالم مقارنة بدخلها، مضيفا بأن ما تشهده المملكة اليوم من استقبال أكثر من 8 ملايين من غير السعوديين الذين يعملون فيها هو تأكيد على أن قدر هذه الأرض هي في احتضان كافة الأجناس والأعراق البشرية والتعايش معهم، فهم يعيشون في المملكة حياة طبيعية، ويتنقلون فيها من مكان إلى آخر بحرية تامة، ويطلعون على ما تحتويه من مواقع أثرية وتاريخية وتراثية ويستمتعون بها، وقال: «قدمنا إلى بريطانيا لنعرض آخر مكتشفاتنا الأثرية ولنتناقش حولها؛ لأننا نعتقد بأنها جزء من التراث العالمي، ونشعر بأننا أمناء على حضارات عريقة يجب أن يراها العالم ويشاركوننا المعرفة». ويأتي انعقاد الندوة العلمية مصاحبا لافتتاح معرض «الخيل من السعودية إلى سباقات أسكوت الملكية»، والذي يقام في المتحف البريطاني بالتزامن مع الاحتفالات باليوبيل الماسي لتربع جلالة الملكة إليزابيث الثانية على عرش بريطانيا.