اليوم يهل شهر رجب وهو أول الأشهر الحرم التي قال عنها الحق سبحانه وتعالى في محكم كتابه بسورة التوبة: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم). وهي كما أوضحت الأحاديث النبوية: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب الفرد، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل رجب قال: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبارك لنا في رمضان». وقد ذكر ابن رجب الحنبلي في كتابه (لطائف المعارف): إن ابن عمر رضي الله عنهما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعتمر في رجب، فأنكرت الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما أم المؤمنين عائشة ذلك عليه وابن عمر يسمع، فسكت. غير أن الفاروق عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي». استحب الاعتمار في رجب ليس هو وحده وإنما هو وآخرون من الصحابة وكانت عائشة تفعله وابن عمر رضي الله عنهما. أما بالنسبة للصيام في رجب فلم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضوان الله عليهم شيء ولكن روي عن أبي قلابة أنه قال: «في الجنة قصر لصوام رجب». قال البيهقي: «أبو قلابة من كبار التابعين لا يقول مثله إلا عن بلاغ». وتأكيد ذلك كما يرى أهل العلم أن ذلك تبع لما ورد في صيام الأشهر الحرم كلها من ذلك حديث محببية الباهلية عن أبيها أو عن عمها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صم من الحرم واترك» قالها ثلاثا. أخرجه أبو داود وغيره، وخرجه ابن ماجة بنص: «صم أشهر الحرم». وفيما ذكر فضيلة الدكتور سعد الشويعر فيما كتب بجريدة «الجزيرة» عدد -9556- بعنوان (رجب وشعبان وما قيل فيهما): «إن بعض السلف كانوا يصومون الأشهر الحرم كلها». والذي لا شك فيه أن التقرب إلى الله بالنوافل من أفضل الأعمال التي يحسن بالمسلم أن يؤديها وبالذات في الأشهر الحرم من صيام وقيام وصدقة وفعل معروف. فالحق سبحانه وتعالى يقول بسورة المزمل: «وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا».