تغيرت اسطمبول كثيرا منذ زيارتي الوحيدة العابرة من ثلاثين عاما، تركيا تلك الأيام كانت تحت حكم المعسكر المتخفي خلف حكومات حزبية شبه منتخبة يديرونها بريموت كنترول، وإذا عصت الحكومة قام الجيش بانقلاب وتعيين رئيس جديد أو انتخابات مدبلجة، قادة الجيش كانوا من غلاة العلمانيين ويتمسكون بمبادئ كمال أتاتورك التي كان لها ما يبررها لبناء تركيا حديثة وإبعاد الطرق الصوفية والانكشارية. ثم جاء حزب العدالة بتوجهات إسلامية حديثة تتناسب طريقة حكمه باعتدالية تتناسب والشعب التركي والجيل الجديد، وركز الحزب وقادته على الاقتصاد ورفع مستوى المعيشة، وبداية من عام 2007 إلى الآن حققوا نجاحات مشهودة في كل الخدمات. واسطمبول مدينة تاريخية حاول المسلمون فتحها حين كان اسمها القسطنطينية من أيام الأمويين الأماجد لكن لم يشأ الله فتحها إلا بعد عدة قرون وتحققت نبوءة النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلى يد السلطان محمد الفاتح عام 1453م الذي سماها اسطمبول أي بلد الإسلام، وتتميز المدينة ببناء مساجد كبيرة وفاخرة بناها السلاطين وهي ذات الأربع مآذن وأكثر والمئذنتان بناء الوزراء والمئذنة الواحدة للمتبرعين الأغنياء، وتستطيع أن تقضي أسبوعا كاملا في زيارة تلك المساجد ومنها المسجد الأزرق المنقوش بالفسيفساء الأزرق، ومن المعالم الشهيرة (متحف ايا صوفيا) وكان كنيسة لتسعة قرون وعندما فتح السلطان محمد القسطنطينية حولها إلى مسجد وصلى فيها أول جمعة بعد الفتح عام 875ه وقد غطيت الرسوم الكنسية بالجبس ثم حولها إلى متحف كمال أتاتورك حفاظا على الآثار والزخارف الإسلامية والمسيحية، وأنهى بذلك نزاعا خطيرا على تركيا الحديثة التي خرجت من الحرب العالمية مثخنة بالجراح، وهذا الأثر تحفة معمارية بيزنطية وإسلامية. ولا بد لك من زيارته وبقية المساجد الكبيرة الأخرى إذا كنت من هواة الآثار.