التلويح بفكرة قيام اتحاد بين دول الخليج كان موفقا جدا، وقد جاء مدروسا وهذه سمة بارزة في مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يحفظه الله – فكلها تقريبا كانت مشغولة بالهم الإقليمي والعربي، وأحدثت ردات فعل كشفت كثيرا من المواقف السياسية والاجتماعية غير الواضحة، فقد انتشر موضوع الاتحاد بين السعودية والبحرين قبل الاجتماع التشاوري لدول الخليج العربية في الرياض، وهذا الاجتماع عقد يوم الاثنين 14 مايو، أو قبل أيام من ذكرى البيعة السابعة، وأظهر التشنجات الإيرانية والطائفية بصورة صارخة وغير معتادة، رغم أن المسألة لازالت قيد الدراسة ولم يتخذ فيها قرار نهائي، والاعتراض لم يأت من إيران والمحسوبين عليها وإنما تجاوزهم، لأن بعض الناس دخل في مناقشة ما قد يترتب على الاتحاد الخليجي من مخالفات، على اعتبار أن المسموح في دولة خليجية قد يكون مرفوضا في دولة خليجية غيرها، وهو لا يعرف أصلا صيغة الاتحاد وهل سيكون كونفيدراليا أو فيدراليا، وأخمن أن الأول أقرب، والمقصود اتحاد على الطريقة الأوروبية وليس الأمريكية، لوجود مشتركات مشابهة في الحالة الخليجية، ما يعني أن الوضع السيادي لدول الاتحاد الخليجي لن يتغير، وربما قامت مفوضية مقرها عاصمة خليجية، يتم اختيار رئيسها بالتوافق أو بتصويت الأعضاء، وبشكل لايختلف نسبيا في جانبه الإجرائي، أو في مظهره الخارجي، عن منصب الأمين العام لدول مجلس التعاون، وقد يعطى مفوض الخليج العام صلاحيات أوسع وحرية أكبر في الحركة، وربما احتاج الأمر لوجود برلمان خليجي ومحكمة خليجية عليا، وأغلب ما ذكر مجرد توقعات أو تصورات شخصية بطبيعة الحال. لا يمكن بأي حال أن يحاكم أو يتهم الاتحاد الخليجي قبل توفر معلومات كافية عنه، ومن يقفز إلى النتائج بدون مقدمات معقولة يقدم خدمات جليلة لمبادرة الاتحاد ويؤكد عليها، ومن الأمثلة، الكلام الإيراني عن إرادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها المفصل على مقاس الدولة الفارسية، والمطالبات الرومانسية والمتناقضة لمرجعيات تمارس السياسة بالوكالة ومن الأبواب الخلفية وبأسلوب المبتدئين والهواة، فالرئيس السوري منح رمزا دينيا معروفا في العراق وساما رفيعا تقديرا له على مجهوداته في القمع والإرهاب، والرمز المذكور خرج بعدها بفترة قصيرة جدا معترضا على الاتحاد الخليجي بنفس طائفي وشعارات ربيعية، ولا أدري كيف استطاع أولا وقبل كل شيء إقناع نفسه بما يقول، فالتوليفة عجيبة ولايقبلها منطق، والثابت أن التطرف والمدنية لا يجتمعان، والحقوق لا تقبل التجزئة أو أنصاف الحلول، فإما أن تحضر في سوريا والعراق وأهواز إيران قبل الخليج، أو يسكت من يتباكى عليها حتى يستر عورته المكشوفة ويحفظ ما تبقى له من احترام. مشكلة العرب أن ذاكرتهم قصيرة، وما تفعله إيران في الربيع العربي لا يبتعد في خطوطه العريضة عما فعله العراق مع الكويت في التسعينات، ومن المعطيات، التأكيد على الحق التاريخي في تبعية دولة لدولة أكبر، والدعوة لاتحاد إيراني عراقي يشبه مجلس التعاون العربي أيام العراق المنتصر في حرب الثماني سنوات، وسيناريو الصمت الخارجي في الحالتين، والفارق أن الأسباب الظاهرة كانت اقتصادية وأصبحت سياسية، ولا زال السؤال القديم عن من يحرك البيادق بدون إجابة، وكأن الاتحاد الخليجي لا يضر إلا إيران وحدها. اجتماع دول الخليج في كيان اتحادي واحد وبشروط كونفيدرالية، ليس ترفا أو ملفا باردا خصوصا في الفترة الحالية، والفوائد أهم في ميزان الخسائر المحدودة، وأبسط مخرجاته ضبط المعادلة الدينية والحد من استغلالها المتكرر، إضافة لعلاج المشكلة الديموغرافية الخطيرة في دول الخليج، فالمواطنون في بعضها لا يشكلون نسبة مؤثرة من إجمالي السكان. binsaudb@ yahoo.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة