تفاوتت ردود أفعال المراقبين الماليين والاقتصاديين حيال أسباب ودلالات تراجع السيولة المالية من سوق الأسهم السعودية. حيث أشار المحلل المالي المعروف فضل البوعينين إلى أن الافتقاد لصانع السوق «الحقيقي» في سوق الأسهم، هو ما تسبب بشكل رئيسي في تراجع مؤشره العام وانحسار سيولته المالية. لم يستطع السوق خلالها المحافظة على مكاسبه المالية التي حققها مؤخرا، ما أثر على ثقة المتداولين، وجعل بعضهم يحجم عن ضخ سيولة جديدة، ودفع بآخرين إلى سحبها من السوق. وقال البوعينين: منذ بداية العام 2012م عادت ثقة المتداولين في سوق الاسهم كنتيجة مباشرة للنمو الذي شهده منذ بداية العام، وهو ما ساعد في جذب سيولة جديدة للسوق، الا أن صناع السوق فشلوا في ضبط ارتفاعاته المتكررة دون توقف، وبدون تصحيح يمكن أن يؤسس لقواعد فعلية تعطي السوق قوة ومتانة للانطلاق مجددا. مضيفا: هذا ما أدى إلى التصحيح القوي الذي شهده سوق الاسهم مؤخرا، والذي تلاشت معه ثقة المتداولين فيه. حيث كان من المفترض أن يلامس المؤشر العام للسوق حاجز ال 8000 نقطة، وأن تجزأ مراحل التصحيح بما يضمن القوة لسوق الاسهم، ويعزز ثقة المتداولين. واختتم البوعينين بالقول: ثقة المتداولين من أهم المؤثرات في سوق الاسهم، لكن وللأسف أن صناع السوق لم ينجحوا في تعظيم هذه الثقة، بل اثروا فيها بشكل سلبي، بسبب ممارساتهم الخاطئة في التداول. ولذا فإن كل ما أتمناه أن يحظى سوق الاسهم السعودية بصانع للسوق، يسهم في ضبط حركته، ويزيد من ثقة المتداولين فيه. من جهته رأى الكاتب الاقتصادي الدكتور علي التواتي، أن تلاشي العوامل المحفزة والتي أدت الى ارتفاع مؤشر سوق الاسهم، ممثلة في اعلان نتائج الشركات، وتوزيع الارباح، والاسهم المجانية، هو ما اعاد المؤشر للهبوط اخرى، وان كان بشكل قوي نسبيا. وأضاف: هناك ايضا توقعات بارتفاع اسعار النفط العالمية بسبب الحظر النفطي على ايران، وهو ما اعطى زخما شديدا ومتصاعدا بأن قطاع البتروكيمائيات في سوق الاسهم سيحقق قفزة سعرية خيالية، لكن الحقيقة اكدت على تراخي اسعار النفط العالمية، وبالتالي جاوزت تفاؤلات المتداولين بارتفاع اسعار شركات البتروكيمائية في سوق الاسهم. واستدرك التواتي قائلا: لا يجب ايضا إغفال تأثير اوضاع الاسواق العالمية على سوق الاسهم السعودية، وخاصة تأثير السوق الامريكية الذي تحيطه الشكوك بشأن نموه مستقبلا بسبب عدة عوامل اهمها ارتفاع معدلات البطالة. أضف إلى ذلك تأثر سوق الأسهم السعودي بمشكلات الديون السيادية التي تعانيها كثير من دول اوروبا، وبانخفاض معدل النمو في الصين، وبالإشكالات السياسية والأمنية التي تعيشها بعض دول المنطقة العربية في الوقت الراهن. أما الدكتور سالم باعجاجة أستاذ الاقتصاد في جامعة الطائف، فأكد أن انحسار السيولة المالية عن سوق الأسهم وانخفاض مؤشره العام قبل بدء الإجازة الصيفية، يعد أمرا طبيعيا، وهو ما تكرر طيلة الاعوام الثلاثة الماضية. وقال: دائما ما يحجم الكثيرون عن التداول في سوق الأسهم مع قرب بدء فترة الإجازة، التي لا تشهد في العادة اعلانا لنتائج الشركات، أو أي من الأخبار التي تحفز على التداول. مشيرا إلى أن سوق الأسهم شهد خلال الأيام الماضية تسييل الكثير من المحافظ، والتي يدرك أصحابها أن السوق سيفتقد كثيرا من المتداولين بسبب السفر للاستجمام.