أكدت الهيئة العامة للسياحة والآثار أنها تولي اهتماما خاصا للحفاظ على التراث الوطني في المملكة، جاء ذلك في معرض تعقيبها على المقال المنشور في «عكاظ» 27 ربيع الآخر 1433ه الموافق 2 مارس 2012م، بعنوان «كرسي هيئة السياحة والآثار»، للكاتبة سماح ياسين، والذي تناول المعالم التراثية التي اندثرت بسبب بعض المشاريع التطويرية والعمرانية التي قضت على الكثير من التراث المعماري القديم بمنطقة المدينةالمنورة ولم يتبق سوى بعض المنازل الآيلة للسقوط، وتطالب العمل ضمن برنامج وطني موحد تشرف عليه الهيئة العامة للسياحة والآثار للحفاظ على التراث الوطني. ونود في البداية أن نتوجه بالشكر والتقدير للصحيفة والكاتبة الكريمة على الاهتمام بتناول القضايا المتعلقة بالتراث العمراني. ونود الإشارة إلى أن الهيئة العامة للسياحة والآثار أولت اهتماما خاص بجهود الحفاظ على التراث الوطني في المملكة وتنميته ليبقى مصدرا للاعتزاز وموردا ثقافيا واقتصاديا، وليشكل بعدا حضاريا جديدا يضاف إلى ما يعرفه العالم عن المملكة من أبعاد دينية وسياسية واقتصادية. وأثمرت جهود الهيئة في مجال العمل على حماية المواقع التراثية عن صدور عدد من القرارات منها صدور المرسوم الملكي في تاريخ 23/ 6 / 1392 ه بخصوص المحافظة على التراث العمراني وتنميته، كما صدر الأمر السامي بتاريخ 23 /8 / 1403ه بشأن المعايير والأسس الفنية للمباني الآيلة للسقوط التي يتوجب العمل بها، وكذلك صدور توجيه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز (رحمه الله) رئيس مجلس إدارة الهيئة العليا للسياحة – سابقا – بتاريخ 6 /6 / 1422ه والقاضي بعدم إزالة أي مبان تراثية قبل التنسيق مع الهيئة، بالإضافة إلى عدد من التوجيهات لسمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية إلى أمراء المناطق بالتأكيد على الجهات ذات العلاقة بعدم إزالة أي مبنى تراثي إلا بعد التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، للتأكد من أهميته التاريخية والعمرانية والإبلاغ عن أية تعديات أو إزالة للمباني التراثية، كما صدر تعميم سمو وزير الشؤون البلدية والقروية بتاريخ 6 / 5 / 1424ه لجميع الأمانات والبلديات، والذي يقضي بإرسال تقارير لجنة إزالة المباني الآيلة للسقوط للهيئة قبل إجراء أي هدم، للتأكد من أن المباني المطلوب إزالتها ليست ضمن قائمة المواقع المهمة من الناحيتين التراثية والسياحية، إضافة إلى تعميم سمو نائب وزير الشؤون البلدية والقروية عام 1428ه، والذي تضمن أهمية التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار قبل تنفيذ أي إزالة للمباني التراثية، وأخيرا توجيه صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية أمانات المناطق بالتأكيد على الشركات والمؤسسات التي تنفذ أعمالا قريبة من المواقع الأثرية بالتنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار قبل البدء في تنفيذ هذه المشاريع. وقد أعدت الهيئة بتوجيه واهتمام ومتابعة مباشرة من رئيسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان مجموعة من المبادرات لتطوير التراث السعودي وربطه بالبعد الثقافي الإنساني والحضاري، وذلك إدراكا من الهيئة من أن تطوير مواقع التراث وإعادة الحياة إليها في مراكز المدن التاريخية وفي القرى والبلدات التراثية وغيرها من المواقع المهمة، هو جزء من تحقيق المعادلة التي طالما التزمت بها قيادة وشعب هذه البلاد منذ تأسيسها على يد الملك الراحل عبدالعزيز طيب الله ثراه وهي معادلة التحديث والتطوير المستمر مع التمسك بالقيم الإسلامية والتراث العربي الأصيل. وتتنوع جهود الهيئة في حماية التراث الوطني وإبرازه، ومنها تنفيذ برنامج لإعادة ترميم المساجد العتيقة بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وإقامة ملتقى سنوي للتراث العمراني الوطني في مناطق المملكة، كما تقوم الهيئة بتأهيل قصور الملك عبدالعزيز والمباني التاريخية للدولة في عهده يرحمه الله، والتي من المقرر تحويلها إلى مراكز ثقافية وتعليمية لمجمتعاتنا. وتعمل الهيئة على استثمار التراث العمراني اقتصاديا من خلال ما تتبناه من برامج ومشاريع لتأهيل المواقع التراثية وتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج، ومن أبرز هذه المشاريع برنامج تنمية البلدات والقرى التراثية، وبرنامج تطوير وإعادة تأهيل الأسواق الشعبية القائمة، وإعادة تأهيل مراكز المدن التاريخية، ويجري تقديم تسهيلات مالية حكومية للراغبين في ترميم المباني التراثية والاستثمار في المباني التي يملكونها وتشكل جزءا من التراث. وفي سبيل تطوير وتنظيم الجهود والمشاريع المتعلقة بالتراث العمراني قامت الهيئة بإنشاء المركز الوطني للتراث العمراني، الذي تتمثل أبرز مهامه في المحافظة على التراث العمراني وتنميته بما يضمه من مدن وأحياء وقرى ومبان وحرف وصناعات تقليدية ومعالم تاريخية والعمل على توظيفها ثقافيا واقتصاديا، إضافة إلى إضفاء الطابع المؤسسي وتوحيد الجهود الإدارية والتنظيمية لتمكين الهيئة من تنفيذ مهامها والمسؤوليات المترتبة عليها في المحافظة على التراث العمراني الوطني بالتعاون مع الجهات المختلفة من القطاعين العام والخاص والمجتمعات المحلية. أما ما أشارت إليه الكاتبة من ضياع بعض معالم التراث العمراني في المدينةالمنورة نود التأكيد أن الهيئة جزء من المجتمع ويقع على عاتقها جزء من المسؤولية ولكنها تحتاج إلى رفع الوعي لدى المجتمع ومساندته من خلال حث المواطنين على المحافظة على مواقعهم التراثية. وقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في أكثر من تصريح صحفي على أن التراث العمراني يمثل قضية وطنية ومسارا اقتصاديا مهما، وأن تفاعل المجتمعات المحلية سيسهم في إعادة بناء هذا القطاع الحيوي المهم، مبينا أن هناك الكثير من مواقع التراث العمراني التي نريد أن نحولها إلى تراث معاش، وأن نعمل على توطين التراث العمراني ليكون جزءا من الحياة لا جزءا من الذكريات. ختاما نشكركم على طرح ومناقشة مثل هذه الموضوعات التي توليها الهيئة العامة للسياحة والآثار عناية خاصة، آملين نشر هذا التعقيب في المكان المناسب. ماجد بن علي الشدي مدير عام المركز الإعلامي