التغييرات تكمن في التكتيك وليس في الأهداف، هذا ما يمكن أن نخلص إليه، بعدما عودتنا الدول الديمقراطية أن هناك استراتيجية ثابتة أيا تكن الأحزاب التي تصل إلى الحكم، وهذا ما هو شائع في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومكرس في فرنسا ومعظم الدول الأوروبية، وبالتالي فإن الاستراتيجيات على المستوى الخارجي لا تتغير كثيرا بتغير الأنظمة والأحزاب التي تتوالى على الحكم، ولكن ربما التغيير يكمن في التكتيك ولكن الهدف يبقى واحدا. من هنا فلن يكون هناك تغيير جذري في سياسة فرنسا الخارجية مع الرئيس الجديد فرنسوا هولاند، إن كان حيال الملف السوري أو حيال ملف القضية الفلسطينية وإلى ما هنالك من قضايا شرق أوسطية عالقة سوى ما يتعلق باجتماعات الاتحاد الأوروبي وهذا الأمر سيكون دقيقا جدا في ظل منطقة اليورو التي تطلب من المرشح الاشتراكي التشبث أكثر باليورو وبسياسة أوروبا الخارجية، لذلك أؤكد على أن التغيير يكمن في التكتيك وليس في السياسات الخارجية لفرنسا. لذلك فإن الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند وفور وصوله إلى القصر الرئاسي سينصرف مباشرة إلى السياسة الفرنسية الداخلية، أولا لأن أسباب نجاحه كانت داخلية بحتة، وليس بسبب فشل السياسة الخارجية، كما أن هناك الوضع الاقتصادي المأزوم، من بطالة متصاعدة وأزمة اليورو بالإضافة إلى ملفات الشرق الأوسط التي شكلت مجتمعة عناصر نجاح المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند وليس لوجود نقاط ضعف في سياسة سلفه نيكولا ساركوزي. أما بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي، فسيكون هولاند مؤيدا لإسرائيل وسيكون هناك تقارب في بعض الملفات الشرق أوسطية في ظل تقدم المفاوضات بين إيران وبين الدول الخمسة 5+1 حول برنامجها النووي، وحيال الوضع السوري سيكون التقارب أكثر. لذلك لا يرى المراقبون تغييرا جذريا على السياسة الخارجية الفرنسية باتجاه إسرئيل إلا بشيء طفيف، فربما سيكون هولاند متصالحا أكثر مع الغرب وتحديدا مع الفاتيكان حول اهتماماته في المنطقة أكثر من ساركوزي، وهذا ما سيميز فترة حكمه عن سلفه في السياسات الخارجية. ويبقى التحدي الأكبر في المنظومة الأوروبية.. فعندما انتخب الاشتراكي فرنسوا هولاند إنما انتخب لاستقلال فرنسا عن الاتحاد الأوروبي، ولكن هذه الخطوة لن تنجح لأنها ربما ستكون الضربة القاضية للاتحاد، ولأن أزمة اليورو هي أزمة جدية في الانتخابات الفرنسية، فربما كانت هناك وعود في أن تتخلص فرنسا من أعباء اليورو، وسيعيد هولاند النظر في مسألة الاستقلال عن الاتحاد، لأن أوروبا المتحدة أو الاتحاد الأوروبي هو أولوية بالنسبة لفرنسا ولا يمكن التراجع عنها، وأزمة اليورو هي أزمة جدية وسيعمل الرئيس الاشتراكي على معالجتها.