تصاعدت الأزمة السياسية بشكل مفاجئ في مصر خلال الأسبوع الماضي، حيث بدأت بعض المجموعات السياسية الاعتصام في ميدان العباسية القريب من مبني وزارة الدفاع، ولم تتدخل أجهزة الأمن لفض هذا الاعتصام، وحدثت مواجهات بين تلك المجموعات ومجموعات آخرى معارضة لها، ومع أصحاب المحلات وسكان المنطقة الذين تضرروا من توقف الحياة الاقتصادية في المنطقة، كما اتهمت تلك المجموعات عناصر من البلطجية بالتعرض لها، واندفعت هذه المجموعات إلى مبني الوزارة في محاولة لاقتحامه، فتدخلت قوات الجيش وألقت القبض على مئات منهم، وفرضت حظر التجول في محيط الوزارة والشوارع المؤدية إليها، وفرضت الأمن والسيطرة عليها. وتؤكد المصادر السياسية أن هذه المجموعات تنتمي إلى المرشح المستبعد حازم صلاح أبو إسماعيل، وانضمت إليها عناصر من حركات سياسية تحرص على أن يكون لها حضور إعلامي في أي أزمة سياسية أو مواجهة مع قوات الأمن أو الجيش، والغريب أنها تعلن قائمة من المطالب من بينها تسليم السلطة ورحيل المجلس الأعلي، رغم أن المجلس أكد مرارا أنه سيتم تسليم السلطة للرئيس المنتخب في موعد أقصاه نهاية الشهر القادم، وتطالب أيضا بحل اللجنة العليا للانتخابات وهذا أمر غير قابل للتحقيق ويدل على جهل سياسي كبير. والأكثر غرابة هو موقف القوى السياسية وبعض مرشحي الرئاسة، فقد انفردت جماعة الإخوان في بيان للحزب التابع لها ليس باستنكار ممارسات المجموعات التي حاولت اقتحام الوزارة، أو في تهديد واضح لسيادة الدولة، ولكن استنكار مواجهة ذلك بالقوة، وعلى نفس الخط جاء موقف مرشحي التيار الديني للرئاسة، في نفاق سياسي واضح، بينما لازالت القوى السلفية تتحدث عن رفض قرارات اللجنة العليا للانتخابات، وهو ما عبر عن حالة من الارتباك السياسي جوهرها افتقاد الأمن والانضباط وسيادة القانون. ويثور التساؤل لماذا كلما هدأت الأوضاع وسارت الأمور نحو الاستقرار تتصاعد مثل هذه الأزمات وتسيل الدماء لتزداد حدة الاحتقان، وتسود مظاهر عدم الثقة، الحقيقة أن السبب الأساسي لذلك هو حالة العناد التي تمارسها أحزاب بعض التيارات، واستمرار تشتت القوى والأحزاب المدنية وعدم وجود حالة من التوافق العام تعلي من المصلحة العليا للوطن على المصالح الحزبية الضيقة.