رغم كل اللي يقولوه ويعيدوه عن مدينة جدة، إلا أنها مكان مافي زيه، مدينة كلها حيوية وحياة، صمدت وراح تصمد قدام أي مشاكل مرت عليها وجات جنبها، جدة ياعيني عليها ويحرسها ربي، دايما تجدد نفسها بنفسها، وتعشق قديمها قبل جديدها. اللي عاشوا في جدة واتنفسوا هواها، يعرفوا كيف هي حياة الحارة، وبيوتها الملصقة في بعض، يعرفوا انو الباب قدام الباب والطاقة قبال الطاقة، وأزقتها الضيقة مره منوره بحب الناس لبعضهم، الجار ما له إلا جاره يتقاسم معاه العيش والإيدام، والجود من الموجود، هدا يدوق هدا، وداك اللي يعاني لازم يقفوا معاه ناسه وجيرانه، بس وقفة رجال، هذا اذا صار شي لا سمح الله، في الزواجات تلاقيهم أول الناس يرقصوا المزمار ويغنوا الجديد قبل القديم، ومايسيبوا صاحب الفرح إلا لمن يتأكدوا تماما أنو كل شي على مايرام، لأن زواج ولد الحارة زواجهم، وهدا في وشهم قدام الحارات التانية. ولمن نجي نتذكر جدة وحواريها، يخطر في بالنا السقا اللي كان يمر على البيوت بالموية، ويجر حماره جر، ونذكر المطره لمن تحط، نقوم نجري بسرعة على السطوح نسدسد في الشقوق قبل ماتغرقنا الموية وتخرب فراش البيت. نذكر كمان قهوة بشيبش اللي مليانه ناس تجي وناس تروح، قهوة زي المحطة، وبراد أبو اربعة هنا والحلا بره هناك. أهل جدة رغم أنهم سابوا بيوتهم القديمة وراحوا لعماير جديدة تانية، إلا أنهم دايما مايزورا بيوتهم وحاراتهم عشان يوروا بزورتهم فين عاشوا وكيف عاشوا حياتهم ببساطه وبدون عقد، ويروهم كيف تتلبس العمة، وكيف لازم يكون ولد الحارة شهم ويحس بالناس عشان كمان هما يحسوا فيه ويقفوا معاه لمن يحتاجهم، والدنيا وأخذ وعطاء زي ما قالولنا في الأمثال.