حذر شرعيون من انتشار أحاديث ضعيفة تتناولها الألسن بين الحين والآخر، وتلقى دون قصد على منابر الجمع، ليتلقاها عوام الناس، ويظنون صحتها. وبينوا أن ذلك مدعاة لانتشار أمور لا شأن لها بالسنة، أو هي أقرب إلى البدع، لافتين إلى جملة نصائح تسهم بشكل أو آخر في التقليل من انتشار هذه البدع، كالبحث عن مصدر الحديث إضافة إلى ضرورة تحري العوام لما يسمعون. واعتبروا أن من أهم أسباب انتشار هذه الأحاديث قلة علماء الحديث في هذا الزمن إضافة إلى رجال الدين الذين يحرصون على توعية الناس بالحسنى فيخونهم العلم أحيانا في إلقاء مثل هذه الأحاديث وبطبع الناس قبول ذلك من هذه الفئة المجتمعية الدينية، محذرين من بعض الأضرار الناجمة من انتشار هذه الأحاديث، لافتين إلى وجود أجندات تنشر بعض الأحاديث لتحقيق مآربها. «عكاظ» ناقشت الموضوع فكانت هذه المحصلة: أكدت أستاذ الحديث المشارك في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الدكتورة نوال العيد أن انتشار الأحاديث الضعيفة بدأ مع نشأة الفتن بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، قائلة تعد الفتن مرتعا خصبا لانتشار الأحاديث الضعيفة. وشددت على وجود أياد خفية تسعى لنشر هذه الأحاديث لأهداف مستقبلية كإكساب مرجعية لتلك الكتب المرفوضة، مضيفة: تنشر هذه الأحاديث عن طريق التقنية، دون ذكر مصدرها، حتى تأتي أجيال لاحقة تبحت عن المصدر فتكشف عن تلك الكتب فتقول الأجيال هذا الكتاب اعتمد آباؤنا عليه وبالتالي فهو موثوق. وبينت أن هذه الأجندة تتمكن من إدخال الأحاديث أحيانا بسهولة وذلك لرغبات الناس وبحثهم عن الفضائل والصالحات. وشددت على أهمية بحث العوام على صحة الحديث وعدم التسليم بكل ما يسمعونه لافتة إلى المسؤولية العظيمة التي تقع على الخطباء مطالبة إياهم بضرورة التقصي، لنقل الأحاديث الصحيحة لأسماع الناس. أسباب عدة وأعاد الداعية الإسلامي الدكتور محمد المنجد كثرة انتشار هذه الأحاديث لأسباب أهمها قلة علماء الحديث في هذا العصر. وبين أن انتشار وسائل النشر والتوزيع وطباعة الكتب رغم احتوائها لأحاديث ضعيفة فاقم المشكلة مضيفا قلما تجد واعظا أو خطيبا لا يسوق الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة. ونوه بإعجاب البعض بالأحاديث الضعيفة والموضوعة لملامستها لعواطفهم، مثال: (من زار قبر والديه كل جمعة فقرأ عندهما يس غفر له بعدد كل آية أو حرف) أو تستدر بعضها الشفقة، مثل: (إذا بكى اليتيم وقعت دموعه في كف الرحمن) أو مثلا (من أبكى هذا اليتيم الذي واريت والديه تحت الثرى، من أسكته فله الجنة). ويواصل لا يدرك العوام أن هذا كلام مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث مؤثرة تجيش لها عواطف النفس وتؤثر في القلب. خطر كبير من جانبه أكد عضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور محمد موسى الشريف وجود الكثير من الآثار التي يتداولها الناس ليست صحيحة، محملا مسؤولية انتشارها للمتصدين للمجتمع من أئمة وخطباء ومدرسين يذكرون الأحاديث الضعيفة أو الآثار الخاطئة لعامة الناس، وأضاف: يجب على هؤلاء ألا يذكروا إلا الأحاديث الحسنة والصحيحة والسبب أن العوام لا يميزون الأحاديث الضعيفة أو الآثار الخاطئة فلا ينبغي التشويش على عقولهم. ويواصل لاشك أن في انتشار بعض هذه الآثار الخاطئة خطورة كبيرة وأضرار بالغة على المجتمع، والسبب في ذلك ما تتضمنه من معان مخالفة لما تحتويه الشريعة، أو تحبب الناس في أشياء ليست من الدين. ونادى بضرورة أن نتعلم أن الآثار الخاطئة تحتوي على جملة من البدع والخرافات، بل بعضها جاء مخالف لما جاء في الأحاديث الصحيحة. وعدد بعض أضرار نشر هذه الأحاديث أو نسبة بعض الأمور إلى النبي صلى الله عليه وسلم رغم عدم ورودها عنه، فقد قال النبي في ذلك: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار). وخلص الخطر الأعظم من انتشارها ما تتضمنه بعض هذه الآثار من معان مخالفة للشريعة، وهذا يؤثر على الإسلام، بل بعضهم يحبب الناس في أشياء ليست من الإسلام وهذا مكمن الخطر.