حذر الإعلامي جعفر عمران في المحاضرة التي ألقاها في جمعية الثقافة والفنون بالأحساء البارحة الأولى، عن «سلطة الصورة وقدرتها الفائقة على التأثير على المجتمع»، من خطورة الصورة على المخيلة باعتبارها ملكة أساسية للكتابة الإبداعية، مؤكدا أن تصوير الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية للشخصيات الدينية والتاريخية، يساهم في القضاء على قيام الإنسان بتخيل ما يسمع، مما ينعكس سلبا على إنتاج الكتابة الإبداعية، كونها تعتمد على ملكة الخيال بشكل أساسي، وعدد عمران مراحل تطور العنصر البشري ابتداء بمرحلة الشفاهية ثم التدوين مرورا بمرحلة الكتابة التي كان فيها اكتشاف آلة الطباعة في العام 1443م الذي غير حجم العالم وعلاقته ببعض، وانتهاء بعصر الصورة الذي نعيشه، معرفا عصر الصورة بأنه تمجيد الصورة مقابل المحتوى والشكل مقابل المضمون وتمجيد السطحي مقابل العميق. وأشار إلى أنه على مر العصور كان الاهتمام حاضرا بمجال الصورة على اختلاف ثقافات الشعوب وأدواتهم في التفكير والتصوير معا، ولا توجد فترة من تاريخ الإنسان خالية من إنتاج الصور أو التفكير في الصورة، وأبان أن بعض الفنانين يعمد إلى رسم صور شخصية للملوك والعظماء تنفذ بعد قرون من رحيلهم، رغبة في تحديد ملامحهم الفيزيائية، واختراع قسماتهم الصورة المكرسة في الخيال الجمعي عنهم، واعتبر الصورة نوعا من السلطة التي يسعى الإنسان إلى امتلاكها لقوتها الخفية أو اختفائها القوي لما تحمله من رسائل ورموز لا يستطيع الإنسان العادي تفكيكها، بالإضافة إلى سعي الإنسان لتسخيرها لمصلحته لما تمتاز به الصورة من سهولة في التعامل وسرعة وصولها وقدرة الإنسان على صناعتها كما يحدث الآن في البرامج التي تبث على اليوتيوب وتحظى بنسبة مشاهدة تتجاوز المليون في يوم واحد، حيث استفاد الشباب السعودي من إمكانات الصورة للتعبير الحر عن همومهم وأحلامهم. وأوضح أن الإنسان البدائي قام بعمل التماثيل، وكانت تحظى بالعناية فتنظف وتلمع وتدهن بالعطور وتقدم لها القرابين، وكانت الخشية عليها تشبه الخوف على الأحياء من الموت، وكذلك كانت للبروتريه «الصورة الشخصية» في الحضارة الرافدية القديمة وظيفة التمائم والطلاسم، وعن البعد الديني للصورة، أشار إلى أنه مع ولادة الأديان التوحيدية انتقلت الممارسات المتعلقة بتبجيل الصورة والخلط بينها وبين الأصل واستخدامها كتعويذة إلى العصر المسيحي حيث كان بعض المؤمنين يعتقدون بالقدرات العجائبية للأيقونة ويبجلونها ويتعاملون معها وكأنها تمائم يحملونها معهم في السفر وفي الحج ويعلقونها على واجهة المحلات، ومن هنا جاء قرار الكنيسة بمنع الصور وتحريمها، وتكرس ذلك المنع إلى الدين الإسلامي حيث كان التخوف من استمرارية عبادة الأوثان وراء تحريم تصوير الهيئة البشرية، لافتا إلى أنه في الحالتين المسيحية والإسلامية كان المنع ينبع من علاقة الصورة بالأصل والخشية من قدرة المحاكاة على خلق يوازي الخلق في ممارسات تشبه في بعض جوانبها وفي تأثيرها عمل السحر، موضحا أن هذا المنع من الأديان التوحيدية ساهم في انزياح حضارة الصورة لصالح حضارة الكلمة، وقد تكون الثقافة العربية تحولت من أشكال التعبير التصويرية التي ميزت جذورها القديمة إلى أشكال تعبير لغوية تعطي للبلاغة والسجع والترادف ومحسنات البديع في الشعر والنثر المكانة الأولى. وقدم عمران قراءة نقدية لعدد من المصورين والمصورات في الأحساء. وفي ختام المحاضرة قدم مدير جمعية الثقافة والفنون علي الغوينم ورئيس لجنة التصوير الضوئي عبدالله العبدالله درعا تذكارية للمحاضر.