يعتبر الجوع العدو الأول للمجتمعات والإنسان على حد سواء ولا يمكن أن يقبل الإنسان بالجوع صديقاً أو حليفاً والجوع لا يحترم الكبير ولا يرحم الصغير. وأما أسباب الجوع فهي كثيرة ومتعددة ومتشعبة ومنها الجفاف الذي يعصف بالمجتمعات وقلة الماء والأمطار والكوارث الطبيعية، والصراعات والحروب، والفقر، وضعف البنية التحتية الزراعية، والاستغلال المفرط للبيئة. ومؤخراً دفعت الأزمات المالية والاقتصادية المزيد من الأشخاص للوقوع في شرك الجوع والفقر. وفي إحصائيات لمنظمة الأغذية العالمية فقد أدى الجفاف إلى وجود مليون طفل مهدد بالموت في أفريقيا ووجود 925 مليون شخص على مستوى العالم لا يتناولون ما يكفيهم من الغذاء لكي يكونوا أصحاء، ويعني ذلك أن واحدا من كل سبعة أشخاص على الأرض يذهب جائعا إلى الفراش كل ليلة. ويعيش أكثر سكان العالم من الجوعى في القارة الآسيوية وإقليم المحيط الهادئ. وتمثل قارة أفريقيا فقط ما يزيد على ربع سكان العالم من الجوعى. وتشهَدُ أغلب دول القرن الإفريقي سنوات مُتَتالية من المواسم الرديئة، وتراجع محاصيلها بسبب الأمطار والفيضانات، كما أشارت المنظمة إلى أن الصومال يشهد أسوأ أزمةٍ إنسانيَّة منذ 18 عامًا إذ يحتاج نصف مجموع سكان البلاد أي ما يقارب من 3.6 مليون شخص إلى مساعدات الطوارئ لإنقاذ حياتهم وسبل معيشتهم. ويتصدر الجوع المركز الأول في القائمة العالمية لأهم 10 مخاطر صحية للفرد، حيث يقتل عددا كبيرا من الأشخاص سنويا أكثر ممن يموتون بسبب أمراض الملاريا والإيدز والسل مجتمعين، وبحلول عام 2050، سيدفع تغير المناخ وأنماط الطقس المتقلب بحوالي 24 مليون طفل نحو الجوع. ويعيش حوالى نصف عدد هؤلاء الأطفال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. والجوع نوعان فهناك الجوع الذي يتمثل في معدة فارغة، والثاني يتمثل في الجوع الخفي الناتج عن نقص بعض العناصر الغذائية الأساسية (المغذيات الدقيقة) في الطعام الذي يتناوله الفرد ويؤدي ذلك إلى جعل الشخص عرضة للأمراض المعدية ويتأثر نموه الجسدي والعقلي، كما يقلل من إنتاجية العمل ويزيد من خطر الوفاة المبكرة. ولا يؤثر الجوع فقط على الفرد، بل يفرض أيضاً عبئاً اقتصادياً هائلاًً على العالم النامي حيث يقدر الاقتصاديون أن كل طفل يعاني من ضعف النمو الجسدي والعقلي بسبب الجوع وسوء التغذية يتعرض لخسارة 5-10% من دخله المكتسب على مدى عمره. ويمكن هنا أن نتوقف ونتساءل عن دورنا المحلي والدولي في التصدي للجوع ومكافحة الفقر وكيف يمكن أن نحمي مجتمعاتنا من هذا الوباء الخطير والذي لا يمكن أن يرحم أو يتساهل في التعامل مع البشر حينما يغفل الإنسان عن التفكير في معالجته بحكمة ومعرفة. Proff.drhabib@gmail