يقول المولى عز وجل في الآية 70 من سورة الإسراء { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}، هذه الآية الكريمة تمثل لوحدها نهجا قويما ومتكاملا لحقوق الإنسان.. وهي التي اقتبست بذكاء لتتحور إلى صياغة أممية في الديباجة التي تصدرت الإعلان العاملي لحقوق الإنسان الصادر في ديسمبر 1948م ونصها :«لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية بحقوقهم المتساوية هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم». كما أن المادة الأولى من نفس الإعلان تقول «يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء». إن من يقرأ هذه المادة سيشعر على الأقل أنها متماثلة لنهجنا الإسلامي القويم الذي سبق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بثلاثة عشر قرنا، كما قد يتذكر مقولة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما عاتب الصحابي عمرو بن العاص في القصة المعروفة قائلا له: «مذ كم استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا». ومن المعروف قولا؛ أن الإسلام كرم الإنسان، ولكن واقع حال المسلمين اليوم يؤكد عكس ذلك القول، ويكفي أن نرى ما يجري في الدول الإسلامية حاليا لندرك أن الإقرار والالتزام من قبل الحكومات بكرامة الإنسان وكافة الحقوق المشروعة له بعيدة جدا عن القيم والتعهدات الدولية التي التزمت بها! يقو أحد دعاة حقوق الإنسان: «إن كرامة الفرد لا يمكن ولا ينبغي أن تنقسم إلى مجالين أي إلى مجال الحقوق المدنية والسياسية من ناحية، ومجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من ناحية أخرى، إذ يجب أن يتمتع الفرد بالتحرر من الفاقة، والتحرر من الخوف في الوقت ذاته، حيث لا يمكن إدراك الغاية القصوى لضمان احترام كرامة الفرد دون تمتعه بجميع حقوقه». وباختصار فإن وعينا للفرق بين ما هو حق وما هو حاجة يدعونا دائما للتمسك بجوهرة حقوق الإنسان وهي كرامته التي أنعم الله بها عليه ولا يمكن له أن يعيش بدونها!. * عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان