يرى كثير من المراقبين أن تنظيم القاعدة خسر معركته في إقناع الشعوب العربية بدعواه التكفيرية والتفجيرية، بل يقول المراقبون أن البلاد العربية التي مر بها ما يسمى «الربيع العربي» أوضحت شعوبها أنها بريئة من انتهاج فكر القاعدة، بل وحتى الشعب السوري الجريح أوضح هو وقادة انتفاضته أنهم ينبذون فكر القاعدة ولا ينتمون إلى أي خلفية فكرية لها صلة بالقاعدة، وحينما شعر تنظيم القاعدة أنه لم يجد ملجأ في تلك الدول فإنه وجد في اليمن وسط الهرج السياسي والانفلات الأمني هناك مدخلا، فظن دعاة التنظيم وقادته وجنوده أنهم في معزل آمن يمارسون من خلاله عملياتهم الآثمة، فكان من آخرها اختطاف القنصل السعودي في اليمن. وقد غاب عن التنظيم أن فعلهم هذا يزيد خسارتهم وانكشاف حقائق ضلالهم التي قد تغيب عن بعض الناس، ثم غاب عن التنظيم أن يمن التاريخ والحضارة شعب ومؤسسات لا ولن يقبل هذا التنظيم، وأنه متى تعافى يمننا السعيد من جراحاته هب كبقية الشعوب ضد وجود هذا الفكر الذي لا يرعى مواثيق ولا يلتزم بقيم ولا يملك رؤية حضارية ولا يعرف الرشاد والسداد، وخلا مساره من الحكمة والعدل. لقد وفق الله سبحانه وتعالى هذه الدولة السعودية دولة السلام والأمن خلال قرابة عشرين عاما في اجتثاث جذور هذا الفكر ومحاصرته وإزهاقه، ليس بالجهود الأمنية فحسب بل بجهود أهل العلم والفكر الرشيد ووعي الأمة السعودية، ولذلك فإن هذا التنظيم سلك مسلك أذية الإنسان السعودي والمكتسب السعودي خارج الديار السعودية، فكان اختطاف القنصل السعودي في اليمن ومع مرارة ما جرى لذلك القنصل إلا أننا موقنون بأن النصر لقضايا وطننا العادلة، وأن مآل هذا الفكر ودعاته وجنوده إلى خسار وبوار في الديار الإسلامية كافة، وينبغي أن نتذكر كدعاة ومفكرين أن العراك العقدي والثقافي مع التنظيم قائم خارج هذا الوطن المبارك، حيث إن التنظيم اعتنى مؤخرا بتفعيل جهازه الإعلامي من خلال شبكة الإنترنت، محاولا استهواء قلوب الشباب بطرح خادع لقضايا فكرية والحديث عن إشكالات فكرية يأمل التنظيم أن تهز ثوابت من يقرأ طرح القاعدة من الشباب الذين لا يعلمون أن المتحدث في مواقع كثيرة في الإنترنت هم دعاة التنظيم الذين يلبسون ثياب النصح والتدين وهم في حقيقة أمرهم دعاة سفك الدماء وتدمير المقدرات والمكتسبات. كما أن التنظيم أخذ مسارا جديدا لم يكن يسلكه من قبل وهو الحديث عن القضايا التي تعني الشباب، فيتحدث دعاة التنظيم عنها بطرح غامض لا يشعر الشاب من خلاله أن الداعي هو أحد جنود التنظيم، ثم إن أقل ما يأمل دعاة هذا الفكر تحقيقه هو بث الكراهية في قلوب الشباب تجاه دولتهم وعلمائهم. لا بد أن نتعاون في التحذير من أن يرتاد شبابنا قراءة حسابات كثيرة في تويتر ومطالعة صفحات في الفيسبوك والسماع لأناس مجاهيل في شبكة الإنترنت دون وعي وإدراك، نريد عملا من كل كاتب ومفكر وأستاذ جامعي ومعلم بأن يقتطع جزءا من وقته ويسخر فكره في صناعة حملة مضادة تسهم في تحصين الفكر الشبابي بحيث يكون جهده مواكبا للجهود المتجددة التي تبذلها وزارات «الداخلية» و«الشؤون الإسلامية» و«الثقافة والإعلام». * المشرف العام على الدعوة والإرشاد بالمدينة وخطيب جامع الخندق.