تابعت كمواطن وحقوقي المداخلة الإعلامية من قبل المستشار الإعلامي بوزارة العدل على ملاحظات بعض أعضاء مجلس الشورى الموقرين حيال عدد من الملاحظات حول أداء المحاكم وكتابات العدل إلى غيرها من المواضيع التي تهم المواطن والوطن. تابعت الطرح والملاحظات من قبل الأعضاء الموقرين، وكذلك تعقيب وزارة العدل حيال التعامل مع المرأة، وتقنين وتدوين ونشر الأحكام، وكذلك تدريب القضاة وتجهيز المحاكم ودعمها بالموارد البشرية، وزيادة عدد القضاة وكتاب العدل، ومكاتب الصلح والمواعيد، وأنا هنا لست بصدد تكرار رد وزارة العدل، بل تحديد لأهم النقاط التي أثارها بعض الأعضاء الموقرين، مع أني على يقين بأن ما أثاره الأعضاء لا يمثل رأي المجلس ولا يصح مطلقا أن ينسب للمجلس، بل هي في واقعها القانوني رؤية خاصة لبعض الأعضاء، حيث لم يتبنها المجلس بقرار أو توصية، وأيضا فإني على يقين آخر وحسبما تحقق لي؛ بأن الكثير من الأعضاء أشاد وثمن الدور الفاعل لوزارة العدل ومنهم أعضاء كانوا قد أبدوا الملاحظات المشار إليها، غير أن الإعلام نشر الملاحظات ولم ينشر الإشادات، ولعل عذره في هذا أن ما يهم المتلقي هوالطرح الآخر، أما الطرح الإيجابي فهو باقٍ على إيجابيته، ولا يحتاج إلى حوار ونقاش ولا إفاضة إعلامية، وهذا في تقديرنا له حظ من النظر والوجاهة. هذا وبعد دراسة ما طرح من الطرفين تبين لي وأنا المتابع لأعمال وزارة العدل والعمل القضائي بالمحاكم والإجرائي بكتابات العدل كمحام ورئيس للجنة الوطنية للمحامين وأعيش تحدي ورهان الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله للقضاء من خلال مشروعه الجليل لتطوير مرفق القضاء وديوان المظالم، وأتطلع وأنتظراليوم الذي أمارس فيه العمل أمام القاضي المتخصص في المحكمة المختصة (تجاري جنائي عمالي أسرة وأحوال شخصية عامة) أوحتى الاختصاص الإداري بالمحاكم الإدارية بديوان المظالم، وكذلك محاكم الاستئناف والمحاكم العليا المستحدثة في المشروع الجليل. وجدت أن أهم ما جاء في تعليق وزارة العدل الحديث عن الاختصاص والصلاحية؛ لأنهما أساس هذا الحراك الحقوقي بين السلطة التشريعية وهي مجلس الشورى والسلطة القضائية. إن ما طرح من قبل الأعضاء صحيح وسليم كشواهد ومواقف يعبر عنها الأعضاء عطفا على ما جاء في التقرير وترجمة لما يشاهد أو يسمع من ممارسات واقعية وحقيقة لا ننكرها، كما أن رد وزارة العدل التي تعيش واقع وحقيقة العمل الحكومي والقضائي والتشريعي أيضا صحيح، وفي اعتقادي أن السبب الحقيقي في هذا الأمر هو الثقافة الحقوقية ليس فقط لمن وضع الملاحظات لكونها تترجم بوجه عام طبيعة هذه الثقافة في المجتمع، ولن نطالب أعضاء غير مختصين بالشأن الحقوقي أن يكونوا على دقة وغوص في الاختصاصات بقدر مانقدر وجهة نظرهم على أن تأخذ بها وزارة العدل أو أي جهة أخرى إذا كانت الوزارة لا تختص بها متى كانت سليمة وفي سياقها الصحيح. وتكمن الأهمية هنا في أنه من المناسب أن يتحفظ الإعلام على نقل أي وجهة نظر ما لم تمثل رأي المجلس، وذلك أن المجلس في صياغة قراره النهائي الذي يمثل في الواقع رأيه الذي تصح نسبته إليه قانونا، سيكون على علم من خلال أدوات المجلس الحقوقية بجهة الاختصاص. * محامي ومستشار قانوني