ظهرت آلية التحكيم التجاري الدولي نتيجة زيادة معدلات التجارة الدولية وازدهار أسواقها وسهولة المواصلات وانتشار الشركات متعددة الجنسيات والهيئات والوكالات المتخصصة وصياغة العقود في قوالب نموذجية، مثل عقود BOT، تتضمن أعرافا وعادات وقواعد ذات طابع مهني تختلف عن القواعد التي تتضمنها القوانين الوطنية. إن التحكيم التجاري الدولي لم يعد سلعة يجب استظهار محاسنها، بل أصبح ضرورة يفرضها واقع التجارة الدولية ويعد وسيلة فاعلة لتفادي وحسم المنازعات الناشئة عن عقود التجارة الدولية والاستثمار والعقود الدولية طويلة المدة التي تتعلق بالتجارة والصناعة والاستثمار والخدمات وعقود نقل التكنولوجيا وعقود التشييد والبناء والجوانب المالية المتعلقة بالملكية الفكرية.. إلخ. إن التحكيم وسيلة فنية لها طبيعة قضائية غايتها الفصل في نزاع محدد مبناه علاقة محل اهتمام من أطرافها وركيزته اتفاق خاص يستمد المحكمون منه سلطاتهم ولا يتولون مهامهم بالتالي بإسناد من الدولة. له ذاتيته الخاصة ويخضع لقواعد خاصة ويمثل محاولة للوصول إلى حل توفيقي بين الأطراف يستجاب فيه إلى مقتضيات ومتطلبات وأعراف التجارة والصناعة والاستثمار والتحكيم، ويمثل التحكيم خطوة نحو تخفيف حدة النزاع، إذ يحرص فيه الطرفان على استمرار علاقات العمل الودية بينهما، كما يعد التحكيم وسيلة لإقرار السلام بين الأطراف ورأب الصدع لما ينشب من نزاع بهدف تنظيم علاقاتهم في المستقبل، ويراد بالتحكيم حل النزاع مع الرغبة في المصالحة وتفادي الثأر الخاص VENGENCE الذي تعرفه صرامة تطبيق القواعد القانونية (قضاء الدولة). * مستشار تحكيمي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتحكيم الدولي