لقد أصبحنا أمام ثقافة جديدة تعلمها واستقاها أبناؤنا الطلاب من المدرسة، وأعني ثقافة الغياب، واستهتار الحضور للمدرسة، واتخاذ قرار عدم الذهاب إليها من تلقاء أنفسهم، وبتساهل أو لنقل تعاون من أسرهم، فقد أصبح الطالب بنفسه يقرر متى يغيب عن مدرسته، وبدأنا نلحظ تزايد الغياب الفردي أو الجماعي، والسبب في اعتقادي يعود إلى كثرة تلك الإجازات، التي تمدد بدون تخطيط أو سبب وجيه، أو إلى تلك الإجازات التي تفرضها الظروف الطبيعية، كنزول الأمطار، أو بسبب ثورة الغبار في الأجواء، مع عدم توافر البديل المناسب فيما لو بقي الطلاب بمدارسهم، وسط ظروف غير مأمونة، بسبب الأحوال الجوية، إلا أن كثرة الغياب والإجازات، أصبحت تستهوي الطلاب، وتحولت لثقافة لديهم، مع ضعف المدرسة في امتلاك قرارها للحد من هذه الظاهرة، بل ماظهر لنا ولمسناه عن كثب، أنه في بعض المناطق حين يحل الشتاء، يكثر غياب الطلاب يوم الأربعاء، بهدف قضاء إجازة نهاية الأسبوع في مناطق الدفء هربا من البرد، حتى تحول يوم الأربعاء إلى غياب شبه دائم، وأصبح يوم السبت ليس أقل في غياب الطلاب عن مدارسهم من يوم الأربعاء، فتعززت ثقافة الغياب لدى طلابنا، أنا لا أتحدث عن الغياب القسري الذي يكون بأسباب وجيهة، إنما حديثي عن الغياب الذي يكون عنوة من قبل أسرة الطالب، ويكون مدبرا من الليل ويكون بأسباب غير مقنعة، وبالطبع هذا يجعل المعلمين في معاناة حينما يكتشف المعلم قصورا عند الطلاب المتغيبين، أو يشعر بأنه لم يستطع متابعة الواجبات المعطاة لهم، أو يكتشف تقصيرهم في القيام بالواجبات المكلفة وقد مضى في خطته الدراسية ويصعب عليه العودة لما سبق وفات على طلابه الغائبين لتعويضهم مافات أنا أحمل الأسرة مانسبته 80 % لضعف متابعتهم لأبنائهم، و20 % على مدارسنا بسبب عجز بعضها عن توفير بيئات تعليمية مناسبة تشجع الطالب على رفض الغياب، وهذه دعوة لمقام الوزارة لدراسة الأمر، وقبل الوداع أنا لم أتطرق إلى غياب الطالب حينما يكون بسبب الواجبات المنزلية، بسبب عقاب المعلم وميله للضرب، وهذه قضية سيفرد لها مقال لاحق.