الإفلاس السياسي قاد النظم الغربية إلى الغرق في مباهج المادة .. حتى طمس من قواميسها مصطلحات القيم الإنسانية ، ومبادئ التعامل السلمي، ونبذ التمييز والعنصرية. ففي فرنسا تبقى إشكالية التصادم بين الهوية والمجتمع تطفو على السطح، في وضع لم يكن مرحليا، بل هو نتاج سنوات من التمييز، وتستخدم كورقة للسجال الانتخابي، تتعلق بإثارة موضوع الهوية والاندماج والمواطنة الفرنسية من جديد، في ثوب عنصري،على حساب الجاليات التي تعيش فوق دولة شعارها العدالة والمساواة ، لكنها تختار دوما كبش الفداء من مواطنين تصنفهم الثقافة الفرنسية في الدرجة الثانية. لقد كان نيكولا ساركوزي المرشح للبقاء في الأليزية بحاجة ماسة إلى حدث مثير ينسي الفرنسيين همومهم الاقتصادية والاجتماعية، ويوهمهم أن الإرهاب سيف مصلت على رقابهم، وأن لا مفر لهم من إعادة انتخابه لأنه يختلف عن منافسيه (فرنسوا هولاند، وجان لوك ميلونشون، ومارين لوبان) بامتلاكه خبرة بوليسية اكتسبها على رأس وزارة الداخلية، ونجح مستشاروه في تحويل حادثة محمد مراح إلى ( 11سبتمبر) محلي ليوحد توجه الفرنسيين حول مطلب واحد هو الأمن، أي بعبارة أوضح، تحجيم الهجرة، والتضييق على المسلمين، مهاجرين،أو فرنسيين كاملي الحقوق بحكم القانون، ك «قاتل تولوز». ساركوزي ابن المهاجر البولوني ليس يهوديا في الواقع، ولكنه تأثر بهذا الأصل، الذي اكتشفه أخيرا ( يهودية أمه) وأوضح ذلك عن طيب خاطر بقوله : «إنني كاثوليكي، لكنني أشعر بنفسي قريبا من اليهود» يعتنق رؤية سياسية يسعى من خلالها إلى تطبيق التجربة الأمريكية في فرنسا، عبر تسويق مشروع المحافظين الجدد لخدمة النخبة السياسية، ولا أعني بهم الديغوليين، بل أعني بهم النخب اليهودية التي تسعى إلى تصفية المسلمين والعرب. الرئيس الفرنسي وعبر توجهاته العنصرية أول من دق نواقيس الخطر في فرنسا، لإجل إرعاب الشعب وجعله أكثر عنصرية ضد الأجانب..إذا يامعشر العرب والمسلمين لاتترددوا في معاقبة فرنسا كما عاقبها الأمريكان من قبلكم، واسكبوا العطور الفرنسية في المراحيض.