يتبقى يومان على الحصاد، ولا يعلم من صاحب النصيب سوى رب العباد، صرامة الشباب تصطدم بإصرار الأهلي بغية زعامة المنافسة الأقوى، وقد أحالا الحلم إلى حقيقة، فسيادة الهلال والاتحاد لهذا اللقب تكسرت في الموسم الحالي، وأراد الشباب والأهلي تغيير الوجه الذي بات مألوفا منذ سبعة مواسم حملت اسمي الهلال والاتحاد، بثلاث للأول واثنتين للثاني. وحال فوز الشباب يوم السبت المقبل سيكون قد عاد لممارسات سابقة غاب عنها سبعا عجاف، إذ توقف عن تحقيق هذه البطولة منذ موسم (2005، 2006م)، غير أن الأهلي الأكثر تشوقا وهو يغيب قرابة ثلاثة عقود، فخلال 29 عاما يراقب الآخرين يحققون هذه البطولة، حين توقف تحقيقه لها عند عام 1983م قبل أن يحققها في عام 1977م. وجاء مشوار الشباب لموقعة السبت مليئا بالأرقام الإيجابية؛ محققا 63 نقطة من أصل 25 لقاء، دون أن يخسر وبأقوى خط دفاع، إذ لم يلج مرماه سوى 15 هدفا وبخط هجوم ناري بلغ 49 هدفا، وبتركيبة منظمة تعتمد الأداء المتوازن وبدهاء أوروبي يتجه للإغلاق والسيطرة على منطقة المناورة بخمسة لاعبين ودعم طرفي الجنب الأسطا ومعاذ، إذ يعمل برودوم على التحفظ في الأداء الهجومي سوى بناصر الشمراني، بينما يملك معادلة (معقدة) من لاعبي الوسط، يميزهم اتقان الكرات القصيرة، وتشكيل ستار دفاعي من وسط الميدان والزحف بلاعب أو اثنين على أكثر تقدير لدعم الهجوم، أو ترك مهمة المساندة لطرفي الجنب معاذ والأسطا، دون أن يتركا مهمة حراسة وسط الأهلي وإيقاف الإمداد لمهاجمه الأوحد (فيكتور). أداء الليث وبقراءة دقيقة لأداء هذا الخط الأهم في تركيبة البلجيكي (برودوم)، يلمح المتابع صرامة تطبيق لاعبيه لواجباتهم الدفاعية على حسابات الهجوم، من خلال تواجدهم الكثيف في منطقة العمليات وطول صبرهم في التمريرات القصيرة، دون ميل للتفريط بالكرة سوى عبر قالب (المضمون) ويمثل (عطيف) رمانة الميزان في الفريق، بينما يظل (منغارو) منظم تحركات هذا الخط، ويشكل البرازيلي الآخر (ويندل) الساتر الأول أمام المدافع الأيسر في الفريق الشبابي عبد الله الأسطا، تاركين مهمة الارتكاز خلف ناصر الشمراني لجيباروف، على أن يكون مختار فلاتة مهاجما حرا يجيد اللعب دون كرة، ليكون أول مستثمر حقيقي لحتمية الرقابة (الشائكة) التي ستفرض على مهاجم الفريق ناصر الشمراني من قبل رباعي خط الظهر في الأهلي ورقابة معتز الموسى على وجه التحديد، إذا ما كان الرسم الخططي للأهلي ينوي محاصرة الشباب أو التفوق على وسطه بدعم خماسي من لاعبي الوسط يمثل اثنان منهما النهج الدفاعي. استراتيجية محتملة ولن يكون خافيا على برودوم أو غيره من المتابعين أن مدرب الأهلي (جاروليم) سيتجه إلى اللعب الهجومي، وفقا لما يتطلبه الأمر، فلا بد من فوز يرفع بالفريق إلى تجاوز نقاط الشباب، دون الميل للتعادل، أو الافراط في الهجوم، ما يسهل أمر لاعبي الشباب الباحثين عن مثل هذا التقدم اللامحسوب، بمعني أن الأهلي سيبني حساباته الفنية على ترك بعض الحرية للاعبي الشباب للتقدم وعدم التقوقع في المناطق الخلفية، عبر الاستدراج الحذر من أجل توسيع مساحات الشاغر في خط الوسط المقابل، اذ يمثل كوماتشو عقل الفريق الحقيقي، بينما لا يخفى على أحد أن تيسير الجاسم بات أهم الأوراق الخضراء في الموسم الحالي، ومن خلاله يتنفس الفريق بشكل واضح، ويسجل الحضور الدائم حال غياب أو فشل المهاجمين عن أداء واجباتهم، ليكون معتز الموسى (حارس الأمن) اليقظ دوما، ومحسن العيسى خير من يساند تحركات كوماتشو إضافة إلى قيامه بالأدوار الدفاعية بجدارة كبيرة. ويعي (جاروليم) أن مهمة فيكتور وحيدا في الصندوق الشبابي لن تكون سهلة على الإطلاق، وهو يواجه غيابا قسريا لعماد الحوسني، بما يعني أنه وضع البدائل المنطقية أمام دفاع محتوم للفريق الشبابي، وبحثه عن تقدم الأهلي خلف الهدف، ما يمهد الفراغات في دفاعات الأهلي أمام الشمراني أو ويندل، أو التحركات الرأسية لمختار فلاته، وبالتأكيد بناءات جاروليم لاستراتيجية لقاء السبت لن تكون خافية على نظيره في الشباب (برودوم). أدوات المفاجأة ومن الطبيعي أن تكون أدوات المفاجأة حاضرة في قائمتي المدربين، ففي الشباب يمثل إشراك جيباروف المفتاح السحري في لقاء الجولة الأخيرة في جدة، بينما قد يميل جاروليم إلى الزج بالراهب كمهاجم صريح يسعى من خلاله إلى إشغال الدفاع الشبابي بتحركاته، ومنعه من التقدم لمساندة الوسط، وقد يتجه إلى خيارات أخرى تتمثل في زرع الجيزاوي إلى جوار فيكتور في خط الهجوم، كمهاجم يجيد الاختراقات من أي موقع يتسلم فيه الكرة، بما يعني أن ينهي التنظيم الصارم في الدفاع الشبابي، بما قد يفرز أخطاء قريبة ومواجهة لمرمى وليد عبدالله في الجانب الشبابي. قدرات مكشوفة ويمثل ناصر الشمراني القوة (الصامتة) في الجانب الشبابي) دون خيارات مماثلة، سوى من مختار فلاته، أو ويندل، مع نسب قليلة للاسمين الآخرين في قائمة برودوم، فقد اعتاد أن يحقق (الزلزال) كل متطلبات الفريق ومن أقصر الطرق وبأقل التكاليف، عبر التركز الجيد وانتظار خدمات خماسي خط الوسط وعكسيات ظهيري الجنب، أو من خلال انتظار كرات ترتد من ياسر المسيلي كعائدات (محتملة) من تسديدات حسن معاذ، أو جيباروف، أو منغارو. خيارات خضراء وتكثر خيارات التهديف في الأهلي رغم غياب عماد الحوسني، إذ يمثل فيكتور الشق الرئيس في هذه المهمة، سواء بالمشاركة فعليا أو من خلال اللعب دون كرة، تاركا واجبات هز الشباك لغيره من اللاعبين، إضافة إلى قدرة الجاسم على تقلد هذه المهام، خصوصا إذا ما أغدق الشباب في اللعب الدفاعي، أو تراجع بطريقة مبالغ فيها في اللقاء، إضافة إلى قدرات كوماتشو على التسديد (بعيد المدى) وقدرته الدقيقة على اقتناص الأخطاء الثابتة المواجهة للمرمى، عطفا على قدرات العيسى والجيزاوي، أو الراهب حال إشراكه إلى جوار فيكتور سيموس. وبالأرقام المسجلة خلال 25 جولة ماضية، سجل هجوم الأهلي 59 هدفا كأقوى خط هجوم في الدوري، مثل خلاله فيكتور الرقم الأعلى ب 21 هدفا، والحوسني ب 15 هدفا، وثمانية لتيسير الجاسم، وستة لكوماتشو ومتفرقات أخرى انقسمت بين لاعبي الوسط والمدافعين، وبثالث أقوى خط دفاع، يمثل فيه الموسى والحربي والمر الأركان الثابة، بين تداول قليل بين بلغيث وجفين. ومثلما أن الشباب يضغط نفسيا على الأهلي بخياري التعادل والفوز كون أحدهما يحقق له مبتغاه، فللأهلي دعامتان مهمتان قد تحيل كل الخيارات الشبابية إلى سراب، يجسدهما جماهيره وملعبه، وقد سجلت جماهير الأهلي الغلبة الأكبر أينما حل (الراقي) أو ارتحل، وأمام أغلب الفرق في دوري زين، ومن ثم الكاريزما التي يتمتع بها لاعبو الأهلي حينما يكونون بين جماهيرهم على استاد عبدالله الفيصل.