لا يستبعد الذين عرفوا السياسة التي يتبعها النظام السوري والمعتمدة على المراوغة أن يكون قبوله بمبادرة عنان وموافقته على إيقاف العنف وسحب آلياته من المدن السورية مجرد كسب للوقت لإلحاق مزيد من القتل والتدمير والتشريد وهدم المنازل وقمع الحراك الشعبي السوري في كافة المدن، وله حين يحين الموعد المحدد أن يفتعل أي أسباب يرى أنها تمنحه الحق في التملص من الموافقة والتراجع عنها والمضي قدما في سياسته الدموية غير آبه بأي مفهوم لأخلاقيات السياسة التي يمكن لها أن تفرض عليه الالتزام بما وافق عليه. إن مبادرة عنان لا تخرج في مضمونها عن المبادرة العربية التي قدمتها جامعة الدول العربية قبل شهور وتظاهرت دمشق بقبولها واستقبلت لجنة عربية تتحقق من القبول لكي تكتشف اللجنة ومعها الجامعة العربية أن موافقة النظام في دمشق لم تكن سوى حبر على ورق يفتقر إلى أي دليل على أرض الواقع يمكن له أن يجعل من المبادرة حلا للوضع في سوريا . القبول بالحل الدبلوماسي الذي قدمه عنان يعتمد على مصداقية النظام السوري وهي المصداقية التي برهنت الأحداث المتوالية في المرحلة السابقة على افتقار النظام السوري لها ولذلك ينبغي على المجتمع الدولي أن ينتهز هذه المهلة لكي يفكر في الخطوة التالية التي ينبغي عليه أن يتخذها إذا ما برهنت الأيام المقبلة على أن الموافقة لم تكن سوى مراوغة وأن النظام السوري سيجد ألف طريقة وطريقة لكي يتملص من هذه الموافقة والاستمرار في ممارساته التعسفية ضد الشعب السوري.