بسم الله الرحمن الرحيم «يا أيتها النفس المطمئنة* ارجعي إلى ربِك راضية مرضية* فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي» الفجر، الآيات 27 – 30، هكذا نرجو وهكذا نأمل في رحمة الله أن تغمر فقيدنا الغالي الدكتور عبدالعزيز جستنية أستاذ الإدارة العامة بجامعة الملك عبدالعزيز. لقد شاءت إرادة الله أن يصاب بمرض عضال منذ سنوات وسعى يخطو للعلاج داخل المملكة وخارجها حتى يسر الله علاجا رسم على وجهه البسمة والتفاؤل حتى آخر لحظة من حياته قبل أن يدخل في غيبوبة انتقل بعدها إلى كنف الرحمن صابرا محتسبا ومأسوفا عليه من أحبائه وأصدقائه الكثر الذين تجمعوا من كل صوب للصلاة عليه في المسجد الحرام ثم مواراته في مقابر «المعلاة» في مكةالمكرمة. • ولد في مكة وصلي عليه في المسجد الحرام، ودفن في أرض مكة الطاهرة.. يا له من فضل، ويا لها من خاتمة سعيدة إن شاء الله. كنا نتحلق حول مدفنه ولكل واحد منا رواية وموقف معه. زملاؤه في أمريكا أثناء الدراسة وزملاؤه في الجامعة وأصدقاؤه ومعارفه، الكل يذكر محاسنه، الكل يلهج بالدعاء له والكل يغمره حزن وأسى بالغان، والكل يروي مأثرة ميزت الكريم ابن مكة الأصيل. • كان رحمه الله أحد طلاب كلية الاقتصاد والإدارة المتميزين علما وخلقا ونشاطا. أساتذته يحبونه وزملاؤه يوقرونه، وإدارة الكلية تجد فيه شابا واعدا. وهكذا أجمعنا على ابتعاثه ليكون زميلا لنا في بناء الكلية والجامعة. • وعاد إلينا صاحب الخلق الفاضل والبسمة الشفافة يحمل الدكتوراه في وقت قصير.. لم يضيع وقته في ترهات الأمور في بلد مليء بالمغريات، بل ثابر وكافح حتى حقق أمنية أبيه وإخوانه وكافة أفراد أسرته. وفي «كلية الاقتصاد والإدارة» وفي «مركز البحوث والتنمية» بها، ثم في «قسم الإدارة العامة» الذي كان ينتمي إليه أكاديميا كان شعلة من النشاط العلمي والإداري والاجتماعي.. كانت له مواهب وكان يُسعد بها زملاءه وأساتذته. هو دائما متواجد في اجتماعات القسم العلمية، وفي مناسبات الكلية العلمية وغير العلمية، وفي نشاطات الجامعة الثقافية والاجتماعية. لا يشكو ولا يتأفف من القرارات الأكاديمية التي تتطلبها طبيعة التدريس والنشاطات اللاصفية كان عكس ذلك يبدو راضياً مبتسماً. في نظراته يشعرك بالرضا وفي كلماته المكية العريقة يملأ صدرك بالحبور والبهجة. • المواقف التي جمعتني بهذا النبيل بالغ الرقة كثيرة – في الكلية نشترك في التدريس – وفي الحفلات والمناسبات الجامعية نشترك في النشاطات الاجتماعية وفي خارج الجامعة جمعتنا حلقات التدريب التي كانت تقيمها كلية الاقتصاد والإدارة لبعض أطياف المجتمع. ولقد جمعتنا في يوم ما حلقة تدريب في الغرفة التجارية الصناعية بجدة مع أحد أساتذتي حينما كنت طالبا بكلية التجارة بجامعة القاهرة. وأذكر أنني كنت سعيدا ومبتهجا أن تقدم ثلاثة أجيال من أساتذة الإدارة هذه الدورة أستاذي الدكتور «علي عبدالمجيد» وتلميذي الدكتور عبدالعزيز جستنية رحمه الله، وأنا ثالثهم. • تلميذي – زميلي – صديقي الدكتور عبدالعزيز، لقد عشت طيباً ومُت كريماً، شهماً صابراً ترجو رحمة ربك وهو الغفور الرحيم. • أحسنت للناس فأحبوك، وأخلصت لوطنك فيسر لك سبل العلم والتعليم والتعلم. وفوق ذلك كنت مؤمناً وقانعاً، بما قسمه الله لك من مال وولد وصحة ومرض. • حُزننا عليك كبير يا أبا «منذر»، لكن أملنا أيضا كبير في أن يحمل أبناؤك شعلة أبيهم التي لم تنطفئ ولن تنطفئ إن شاء الله. • وعزائي لكم يا آل جستنية إخوانا وأبناء، وعزائي أيضاً لكل من أحب الفقيد وترحم عليه. سيرة حسنة وخاتمة حسنة إن شاء الله. وصدق الله العظيم إذ يقول، «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان» الرحمن، آية 60.