الموقف اللي لا يمكن أنساه، وأحفظه بوجداني وقلبي، هو موقف شخص أيا كان يتعامل معك بطيبة وصفاء نفس، هذه المواقف أحفظها، ولا يمكن أنساها، ومنها، موقف احتفظ بكل تفاصيله تعرضت له قبل 16 عاما، وقتها كنت جاي من الرياض في نهاية دراستي للفصل الصيفي بجامعة الملك سعود. جيت بالطايرة وجلس جنبي رجل خلوق جدا جدا ومحترم، كان في شبابه تعرفنا على بعض وتحدثنا في كثير من الامور وانتهت الرحلة، ونزلت الطيارة في مطار المدينةالمنورة صاحبنا كان ناوي يروح ل(خيبر)، وأنا رايح لمحافظة العلا، ولزم علي إني أرافقه بسيارته اللي كان موقفها في المطار، وقال بعد ما نوصل لخيبر يفرجها الله. ما اختلف الواقع في الأرض عن اللي في الجو، الرجل هو نفسه أخلاق وطيب وكرم نفس وحديث ممتع. انتهت الرحلة الأرضية بسرعة، وما شعرنا بأنفسنا إلا حنا ب(خيبر)، لكن الرجال أصر علي أني أتقهوى عنده، وافقت بعد إلحاحه، لكن الوضع ما كان مقتصر لأن خويي راح وذبح الذبيحة ودون أن أشعر بمعاونة أخوه الصغير. ما ودي أكلف عليه، وخاصة إني أنا واياه جايين من سفر وتعب وأنا بعد مستعجل. بس من طيبته ما عطاني أي فرصة، وبعد الغدا، قال: أول قلت لك عن آثار (خيبر)، وعن عيون (خيبر) وهالحين أبيك تشوفها بعيونك، وافقت، ورحنا بالسيارة ل(خيبر) الأثرية، وما كنت اتصور اني راح أشوف مناظر جميلة للغاية، مشاهد العيون وأصوات خرير المياه وجريانه في القناطر كان من أروع ما رأيت وسمعت، وسبحان الله مبدع كل شي، ونفس الشي كانت المباني التراثية والآثار اللي ب(خيبر) تشدك وتجذب أي زائر، المكان هذا يعبق بأريحية التاريخ والانسان. انتهت رحلتي التي استفدت منها الكثير ولكن المؤلم ان رحلة صديقي انتهت من الحياة كلها.