تزخر منطقة الباحة بالعديد من القرى والمواقع الأثرية القديمة الضاربة في أعماق التاريخ، والتي تحكي فصولا عدة لأنماط متعددة من الحياة وتقف شاهدا حيا على عراقة تلك المنطقة التي حظيت باهتمام المؤرخين لكونها تحمل قيما حضارية جديرة بأن تدون في صفحات التاريخ. ومن تلك المعالم التي اكتسبت شهرة لدى أهالي منطقة الباحة (طريق الفيل) وهي الطريق التي سلكها أبرهة الأشرم حينما قدم من اليمن بجيش كبير بقصد هدم الكعبة المشرفة ونزلت في هذه الواقعة سورة (الفيل)، لكن شهرته الحقيقية كما يشير محمد بن ربيع، جاءت لكونه محجة أهل اليمن لعصور طويلة قبل أن تتحول تلك المحجة إلى السراة (طريق العصبة) وتقع طريق الفيل شمال مركز كرا الحائط التابعة لمحافظة العقيق مع حدود حرة البقوم ويبعد عن المركز أكثر من 35 كيلا عبر خط ترابي معظم أجزائه وعرة جدا. ولفت بن ربيع إلى أن الطريق يتميز بكونه مرصوفا وواسعا بحجارة بركانية يطغى عليها اللون الأسود أسفلها مدبب ليسهل غرزها بالأرض وأعلاها مسطح، ويتراوح عرضه مابين مترين ونصف وخمسة أمتار، كما شوهد على العديد من تلك الصخور المغروسة في الأرض بعض النقوش والرسومات منها ما يحكي تاريخ وأسباب مرور الفيل من تلك الطريق وأخرى تتحدث عن قصص وذكريات، وتذكر بعض كتب التاريخ أن غامد حاولت إعاقة مرور ذلك الفيل، غير أن كثرة جيش أبرهة حالت دون ذلك. وأضاف: أجزاء كبيرة من تلك الطريق تهدمت بفعل السيول وأصبحت بعض أجزائها غير واضحة المعالم، وفي المقابل بقية أجزاء أخرى تشاهد بوضوح، وكانت طريق الفيل قد أدرجت ضمن 16 موقعا أثريا وسياحيا تم اكتشافها من قبل الهيئة العامة للسياحة خلال جولتها على المنطقة قبل عدة سنوات، ووجدت اهتماما في محاولة لترميم ما تبقى من الطريق كونه موقعا أثريا قديما حافلا بالأحداث التاريخية. دخول مكة حين أقترب أبرهة وجيشه من مكةالمكرمة والفيل في مقدمته برك ولم يتحرك، فضربوه ووخزوه، لكنه لم يقم من مكانه، فوجهوه ناحية اليمن، فقام يهرول، ثم وجهوه ناحية الشام، فتوجه، ثم وجهوه جهة الشرق، فتحرك. فوجهوه إلى مكة فبرك. فكان ما أراده الله من إهلاك الجيش وقائده، فأرسل عليهم جماعات من الطير، كل طائر منها يحمل ثلاثة أحجار، حجر في منقاره، وحجران في رجليه، أمثال الحمص والعدس، لا تصيب منهم أحدا إلا هلك. فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة، فهاج الجيش وماج، وبدأوا يسألون عن نفيل بن حبيب، ليدلهم على الطريق إلى اليمن. فقال نفيل بن حبيب حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته: أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب وقال أيضا: حمدت الله إذ أبصرت طيرا وخفت حجارة تلقى علينا فكل القوم يسأل عن نفيل كأن علي للحبشان دينا وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم يتساقط لحمه قطعا صغيرة قطعة تلو الأخرى، حتى وصلوا إلى اليمن فما مات حتى انشق صدره عن قلبه. طول الطريق وكالة الآثار والمتاحف حددت طول طريق الفيل الواقعة في حدود منطقة الباحة بستة كيلو مترات على مسافات متفاوتة، تبدأ مع حدود محافظة بيشة وتنتهي بالقرب من تربة البقوم التابعة لمحافظة الطائف، فيما وضعت إدارة المتاحف والآثار بالباحة حراسة دورية تجوب الطريق باستمرار خشية التعدي على تلك الحجارة ونزعها من أماكنها، كون البعض عمد إلى استخدام تلك الحجارة لبناء جسور أو استخدامها في أغرض أخرى، وقد تم تحديد حرم الطريق بعرض عشرة أمتار من كل اتجاه.