في لقاء أقل ما يوصف بأنه عاصف اجتمع المئات من أبناء الجالية المصرية مع وفد الحكومة المصرية برئاسة مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية السفير أحمد راغب في مقر القنصلية العامة في جدة مساء الجمعة الماضية. استهل القنصل العام السفير علي العشيري اللقاء بكلمة ترحيبية، ثم وضع برنامجا للقاء يتمثل في توزيع الحضور على عدد من اللجان، للعمل والعمال، والتعليم، والعدل، والأحوال المدنية، وإدارة التجنيد، والجوازات، والاستثمار والجمارك. وقبل أن يلقي مساعد الوزير كلمته، اعترض أبناء الجالية على برنامج اللقاء، وطالبوا بأن يكون اللقاء مفتوحا مع مساعد الوزير لينقلوا له مشاكلهم ويناقشونها وجها لوجه، ورغم محاولة تفريق الحضور بتوزيعهم على اللجان إلا أن أبناء الجالية تمسكوا بطلبهم فكان لهم ما طلبوا. في معرض حديثه أكد مساعد الوزير استجابة الجانب السعودي للعمل على حل مشاكل العمالة والموقوفين في المملكة، والنظر في مشكلة التعليم كواحدة من أهم ما يشغل العمالة، ثم أخذ اللقاء منحى آخر بالحديث عن علاقة أبناء الجالية مع ممثلي قنصليات وسفارات بلاده، فما كان من أبناء الجالية إلا أن ثارت ثائرتهم وأعربوا عن عدم رضاهم عن أداء السفراء والقناصل الممثلين للبعثات الدبلوماسية المصرية، وخصوا بالذكر السفير المصري في الرياض، فيما تداخل البعض مؤكدين أن العلاقة مفقودة بين أبناء الجالية والقنصلية، بالإضافة إلى سلبية منسوبي القنصلية والسفارة في تناول قضاياهم والتعامل الجاد مع مشاكلهم. وطالب أبناء الجالية بوضع آلية عاجلة لإنشاء صندوق رعاية المصريين في الخارج، واستصدار قانون يعفي العائدين من الجمارك على سياراتهم وأثاث منازلهم في حالة الخروج النهائي أو قضاء 10 سنوات في الخارج أيهما أقرب، فأوضح مساعد الوزير أن هذا الأمر يتطلب موافقة مجلس الشعب، فما كان من الحضور إلا أن جمعوا توقيعاتهم على خطاب بهذا الشأن لعرضه على البرلمان في أقرب وقت ممكن. وفي مداخلة صارخة شككت مواطنة مصرية في شرعية مجلس الشعب المصري، فرد عليها بعض الحضور بأن هذا رأيها ولا يمثل رأي الأغلبية، فالجميع يتفقون على نزاهة الانتخابات البرلمانية التي شهدتها مصر بعد الثورة رغم ما شابها من بعض الأخطاء، مطالبين الشارع المصري أن يتيحوا الفرصة لتتم انتخابات الرئاسة في نفس الأجواء الديمقراطية دون الانجرار وراء محاولات الإثارة التي قد تعطل المسيرة. وشدد الحضور على أن يكون اختيار رئيس الجالية بالانتخاب، وإيجاد صفة رسمية له لإمكانية محاسبته في حالة تقصيره، مشيرين إلى أن رئيس الجالية الحالي أمضى في هذا الموقع 15 عاما، لم يلاحظ خلالها نشاطا ملموسا يستفيد منه العامل البسيط المنتمي لأكبر جالية مصرية في الخارج، منوهين إلى ضرورة ضخ دماء جديدة في هذا المناصب لتلبية أهداف ومتطلبات الثورة. واستعرض السفير علي العشيري انجازات القنصلية خلال السنوات الماضية، والتي تمثلت في إنشاء مكتب ثقافي لخدمة أبناء الجالية، ودعم أواصر الإخوة بإنشاء 12 رابطة مهنية تجمع أبناء المهن المختلفة، ثم يعين رئيس لكل رابطة، فيتشكل بذلك مجلس إدارة الجالية. ورغم المصارحة والمكاشفة والمواجهة التي طغت على اللقاء، إلا أن السفير أحمد راغب أعرب في نهاية حديثه عن سعادته بهذه الحالة الصحية للحوار، ووصفها بأنها واحدة من ثمار ثورة يناير المجيدة.